ماذا حدث؟
في 2 أغسطس 2025، أعلنت وزارة الدفاع السورية عن هجوم نفذته قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في ريف منبج شمال شرق سوريا، مستهدفة قرية الكيارية ومحيطها، ما أسفر عن إصابة أربعة من عناصر الجيش السوري وثلاثة مدنيين بجروح متفاوتة.
وصفت الوزارة الهجوم بأنه “غير مسؤول ومجهول الأسباب”، مشيرة إلى أن وحدات الجيش ردت بضربات دقيقة استهدفت مصادر النيران، بما في ذلك راجمة صواريخ ومدفع ميداني تم رصدهما قرب مدينة مسكنة شرق حلب.
في المقابل، رفضت قسد هذه الرواية، مؤكدة أنها تمارس “حقها في الدفاع المشروع” رداً على هجمات من “فصائل غير منضبطة” في مناطق التماس بدير حافر، داعية الحكومة السورية إلى ضبط هذه الفصائل.
هذه الاشتباكات تأتي رغم اتفاق مارس 2025 بين أحمد الشرع، رئيس المرحلة الانتقالية، وقائد قسد مظلوم عبدي، الذي نص على دمج قوات قسد ضمن مؤسسات الدولة السورية ووقف إطلاق النار.
لماذا هذا مهم؟
هذه الاشتباكات تسلط الضوء على هشاشة اتفاق مارس 2025، الذي يهدف إلى توحيد سوريا بعد 14 عاماً من الحرب الأهلية.
قسد، التي تسيطر على نحو ربع الأراضي السورية في الشمال الشرقي، وقّعت الاتفاق لدمج قواتها ومؤسساتها ضمن الدولة، لكن تباين التفسيرات حول كيفية الدمج- ككتلة موحدة كما تطالب قسد، أو كأفراد كما تريد دمشق- يُعيق التنفيذ.
الهجوم في منبج، نقطة استراتيجية قرب الحدود التركية، يكشف استمرار التوترات بين قسد والحكومة، خاصة مع اتهامات متبادلة بانتهاك التهدئة.
تركيا، التي تصنف وحدات حماية الشعب (عماد قسد) كمنظمة إرهابية، تزيد الضغط عبر دعم فصائل معارضة، مما يعقد المشهد.
هذه الاشتباكات تهدد بإحياء الصراع العسكري، خاصة إذا استمرت الفصائل غير المنضبطة في التحرش، وقد تُفضي إلى تقسيم فعلي إذا فشلت المفاوضات، مما يُضعف آمال السوريين في استقرار دائم.
ماذا بعد؟
الاشتباكات في منبج قد تكون مؤشراً لتصعيد أوسع إذا لم تُحل الخلافات حول دمج قسد، فالحكومة السورية، بقيادة أحمد الشرع، تواجه ضغوطاً داخلية وخارجية لتطبيق الاتفاق، لكن تصريحات مصادر حكومية تؤكد رفض أي شروط تتعارض مع وحدة الدولة، مما يعني أن المفاوضات قد تصطدم بحائط مسدود.
قسد، بدعم أمريكي، قد تلجأ إلى تصعيد عسكري لحماية مكتسباتها إذا شعرت بالتهديد، خاصة مع هجمات الفصائل المدعومة تركياً، وتركيا قد تكثف تدخلها للحد من نفوذ قسد، مما يزيد مخاطر الصراع.
على المدى القريب، تعزيزات عسكرية من الجيش السوري إلى منبج قد تهدئ الوضع مؤقتاً، لكن الحل الدائم يتطلب حواراً وطنياً شاملاً، ربما بوساطة دولية، لضمان دمج قسد بما يحفظ وحدة سوريا.
بدون تقدم دبلوماسي، قد تتحول هذه الاشتباكات إلى شرارة لتقسيم فعلي، خاصة مع استمرار التوترات الطائفية والإقليمية.