اتفاق هش.. هل انتهت الحرب بين باكستان والهند؟

الهند وباكستان

ماذا حدث؟

تصاعدت التوترات بين الهند وباكستان بشكل خطير عقب هجوم إرهابي في 22 أبريل 2025 في باهالغام بكشمير الخاضعة للهند، أسفر عن مقتل 26 مدنيًا، معظمهم من السياح الهندوس.

اتهمت الهند باكستان بدعم الجماعات الإرهابية المسؤولة، وردت يوم 7 مايو بـ”عملية سيندور”، وهي ضربات جوية استهدفت تسعة مواقع وصفتها بـ”البنية التحتية الإرهابية” في باكستان وكشمير الخاضعة لها.

ردت باكستان بـ”عملية بنيان مرصوص”، وهي ضربات صاروخية وطائرات مسيرة استهدفت قواعد عسكرية هندية، معلنة “العين بالعين”. أسفر التصعيد عن مقتل أكثر من 60 شخصًا، بينهم 13 في الجانب الباكستاني، وتسبب في نزوح عائلات على جانبي خط السيطرة.

يوم السبت، 10 مايو، أعلن الطرفان وقفًا لإطلاق النار بوساطة أمريكية شارك فيها وزير الخارجية ماركو روبيو ودول مثل السعودية وتركيا. لكن الانفجارات المبلغ عنها في سريناغار وتبادل إطلاق النار في خمس نقاط على الأقل على خط السيطرة أظهرا هشاشة الاتفاق.

اتهم الأمين العام للخارجية الهندية فيكرام ميسري باكستان بخرق الاتفاق، بينما أكدت وزارة الخارجية الباكستانية التزامها بالهدنة، متهمة الهند بدورها بالانتهاكات.

عبر سكان كشمير عن ارتياح حذر، حيث بدأ البعض بالعودة إلى منازلهم، لكن الخوف من تجدد الاشتباكات ظل قائمًا.

لماذا هذا مهم؟

يعد التصعيد الأخير بين الهند وباكستان، والهدنة الهشة التي تلته، مؤشرًا على استمرار التوترات العميقة المرتبطة بقضية كشمير، التي تسببت في ثلاث حروب بين البلدين منذ التقسيم عام 1947.

الصراع متعدد الأبعاد، إذ لم يقتصر على الاشتباكات التقليدية، بل شمل هجمات بطائرات مسيرة متقدمة، ومواجهات سيبرانية، وحرب إعلامية غذتها وسائل التواصل الاجتماعي.

على سبيل المثال، أعلن قراصنة باكستانيون اختراق مؤسسات دفاعية هندية، بينما ساهمت وسائل إعلام يمينية متطرفة في الهند في تأجيج خطاب الكراهية ضد المسلمين.

هذه التطورات تزيد من تعقيد إدارة الأزمات، خاصة في ظل تراجع الأعراف الدولية التي تحد من انتهاكات السيادة، كما يظهر في أمثلة مثل العمليات الإسرائيلية في غزة وسوريا.

كما أن السياق السياسي الداخلي في كلا البلدين يفاقم المشكلة؛ ففي الهند، يعزز القوميون الهندوس بقيادة ناريندرا مودي خطابًا متشددًا، بينما يتبنى الجيش الباكستاني بقيادة الجنرال عاصم منير نظرية “الأمتين”، مما يعمق الانقسامات الدينية. تراجع الوساطة الأمريكية التقليدية، مع غياب سفير في كل من دلهي وإسلام آباد، وانشغال واشنطن بأزمات أخرى، يثير تساؤلات حول من سيملأ الفراغ الدبلوماسي.

الصين، رغم محاولتها التوسط، تفتقر إلى الحياد بسبب تحالفها مع باكستان، بينما تفتقر دول مثل السعودية وإيران إلى النفوذ الكافي.

هذا الوضع يجعل المنطقة عرضة لتجدد الصراع، مع تداعيات تمتد إلى دول جنوب آسيا غير النووية مثل بنغلاديش وسريلانكا، التي تخشى من التدخل الهندي أو التوترات الإقليمية.

ماذا بعد؟

على الرغم من وقف إطلاق النار، فإن الانتهاكات المبكرة تشير إلى أن الهدنة قد لا تدوم دون جهود دبلوماسية مكثفة.

يرى الخبراء، مثل أليكس بليتساس من المجلس الأطلسي، أن هذا الاتفاق مجرد هدنة مؤقتة، وأن استمرار التوترات حول كشمير، إلى جانب قضايا مثل معاهدة مياه السند التي علقتها الهند، يتطلب وساطة دولية استباقية.

يقترح شجاع نواز، الخبير في الشأن الباكستاني، التركيز على قضايا مشتركة مثل المياه، مكافحة التطرف، والتجارة لتحويل الهدنة إلى سلام دائم، مشيرًا إلى أن تغير المناخ يهدد الأنهار التي تعتمد عليها كلا البلدين.

في الوقت نفسه، تحذر رودابه شهيد من تأثير الصراع على دول جنوب آسيا غير النووية، حيث قد يؤدي الموقف الهندي العدواني إلى تعزيز النفوذ الصيني في دول مثل سريلانكا والمالديف.

كما أن استمرار العقوبات المتبادلة، مثل تعليق التجارة والتأشيرات، يعقد عودة العلاقات إلى طبيعتها.

لتجنب التصعيد المستقبلي، يجب أن تشمل الخطوات القادمة مفاوضات مباشرة بين قادة العمليات العسكرية في البلدين، كما هو مخطط في 12 مايو، مع ضغط دولي للحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة، كما أن إحياء مؤسسات إقليمية مثل رابطة السارك، رغم شللها الحالي، قد يوفر منصة للحوار.

دون حلول سياسية لقضية كشمير، ومع استمرار التسلح النووي والتقدم التكنولوجي في الحروب متعددة المجالات، يظل خطر العودة إلى الحرب قائمًا، مما يهدد استقرار جنوب آسيا بأكملها.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *