ماذا حدث؟
أعلنت الرئاسة السورية عن اتفاق سياسي بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية ضمن إطار الدولة السورية.
هذا الاتفاق التاريخي، الذي تم توقيعه في العاشر من مارس 2025، يشمل توحيد جميع المرافق الحيوية مثل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز تحت سيطرة الدولة.
ووفقًا للبيان الرسمي، فإن الاتفاق يتضمن دعم الدولة في مكافحة فلول نظام الأسد وكافة التهديدات التي تمس الأمن الوطني، كما يؤكد على الاعتراف بالمجتمع الكردي كجزء أصيل من النسيج السوري، مع ضمان حقوقه الدستورية والمواطنة الكاملة، ورفض أي محاولات لتقسيم البلاد أو بث الفرقة بين مكوناتها.
يأتي هذا الاتفاق وسط اضطرابات أمنية شهدها الساحل السوري، حيث أودت موجة من العنف بحياة أكثر من ألف مدني، معظمهم من الطائفة العلوية.
ويمثل ذلك اختبارًا صعبًا للرئيس الشرع، الذي يسعى إلى فرض سلطته على كامل الأراضي السورية قبل نهاية العام الجاري، وهو الموعد المحدد لتنفيذ الاتفاق.
لماذا هذا مهم؟
يشكل هذا الاتفاق تحولًا جذريًا في المشهد السياسي السوري، حيث يعيد ترتيب التوازنات الداخلية ويضع حدًا لصراع دام سنوات بين الدولة السورية وقوات قسد.
الأكراد، الذين عانوا عقودًا من التهميش في ظل حكم عائلة الأسد، تمكَّنوا خلال الحرب من إقامة إدارة ذاتية بمؤسسات عسكرية ومدنية خاصة بهم، لكن مع تغير المعادلات السياسية وظهور قيادة جديدة في دمشق، برزت الحاجة إلى إعادة توحيد البلاد.
من الناحية الجيوسياسية، يشكل الاتفاق ضربة لمخططات التقسيم التي سعت بعض القوى الإقليمية والدولية إلى فرضها على سوريا، فسيطرة الدولة على المناطق الغنية بالنفط والغاز تعزز موقفها الاقتصادي، وتزيد من فرص الاستثمار وإعادة الإعمار.
كما أن إدماج قسد في الجيش السوري يضيف قوة عسكرية جديدة إلى الدولة، خاصة وأن هذه القوات تلقت تدريبات ودعمًا من الولايات المتحدة.
يُنظر إلى هذه الخطوة أيضًا على أنها انتصار سياسي للرئيس الشرع، الذي استطاع تحقيق إنجاز لم يكن ممكنًا في عهد الأسد.
ماذا بعد؟
على الرغم من الأهمية الكبيرة للاتفاق، إلا أن تنفيذه على الأرض لن يكون سهلًا، فهناك قوى داخلية وخارجية قد تعارض هذه الخطوة، خاصة تركيا التي لطالما اعتبرت وحدات حماية الشعب الكردية – العمود الفقري لقسد – امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه منظمة إرهابية.
كما أن هناك تساؤلات حول مدى استعداد الولايات المتحدة للتخلي عن دعمها لقسد لصالح دمشق.
من جهة أخرى، يرى بعض المحللين أن نجاح الاتفاق قد يفتح الباب أمام تفاهمات أوسع بين دمشق والقوى الكردية، وربما يساهم في حلحلة الخلافات التركية الكردية.
ومن المتوقع أن تبدأ لجان تنفيذية بالعمل على دمج قسد في المؤسسات السورية قبل نهاية العام الجاري، وهي مهمة قد تواجه تحديات لوجستية وإدارية كبيرة.