ماذا حدث؟
في تطور لافت قد يشكل نقطة تحول في الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات بين روسيا وأوكرانيا، توصلت الولايات المتحدة وأوكرانيا إلى اتفاق مبدئي بشأن مقترح لوقف إطلاق النار، ليضع الكرة في ملعب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
رغم ذلك، لم يُخفِ الطرفان مواقفهما المتباينة، إذ يصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على عدم التنازل عن أي جزء من السيادة الأوكرانية، بينما تُلمّح واشنطن إلى أن أي اتفاق دائم قد يتطلب من كييف تقديم تنازلات إقليمية.
في المقابل، تطالب موسكو كييف بالتخلي عن حلمها في الانضمام إلى الناتو والقبول بقيود على جيشها، في وقت تبدو فيه الضمانات الأمنية الأميركية لكييف بعيدة المنال.
ومع تصاعد الحراك الدبلوماسي، يبقى التساؤل الأهم: ما الذي يريده الشعب الأوكراني؟
لماذا هذا مهم؟
تكشف استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022 عن تحولات لافتة في المزاج الشعبي الأوكراني، بعد الإجهاد الهائل الذي يعانيه الأوكرانيون بعد ثلاث سنوات من الدمار والدماء.
ظهرت دراسة أجراها معهد كييف الدولي أن 90% من الأوكرانيين مروا بتجارب مؤلمة مرتبطة بالحرب، إلا أن الشارع الأوكراني ما زال منقسماً حيال مسألة التفاوض.
فيما يميل عدد متزايد من الأوكرانيين إلى دعم فكرة الجلوس إلى طاولة المفاوضات، إلا أن هناك خطوطاً حمراء واضحة لا يمكن تجاوزها، وعلى رأسها وحدة أراضي أوكرانيا.
فرغم تصاعد الأصوات المؤيدة للسلام، لا يزال 50% من الأوكرانيين يرفضون أي تنازل عن الأراضي، حتى لو تطلب الأمر استمرار القتال لفترة أطول.
كما أن الثقة في بوتين معدومة، حيث يرى 66% من الأوكرانيين أن أهداف موسكو تتجاوز مجرد احتلال أراضٍ إلى تهديد وجودي يشمل تدمير دولتهم المستقلة.
ماذا بعد؟
بينما يتواصل السجال السياسي في العواصم الكبرى، يدرك المراقبون أن أي اتفاق لا يحظى بشرعية داخلية حقيقية في أوكرانيا لن يكون قابلاً للاستمرار على المدى الطويل.
كما أن قرار زيلينسكي، الذي لا يزال يتمتع بشعبية بلغت 67% بحسب أحدث استطلاعات معهد KIIS، سيكون حاسماً في تحديد مستقبل أي اتفاق محتمل.
غير أن المعضلة تظل قائمة: هل تستطيع أوكرانيا الحفاظ على وحدتها الوطنية والسياسية إذا ما اضطرت إلى تقديم تنازلات تحت وطأة التعب الشعبي والخوف من فقدان الدعم الغربي؟ أم أن الإصرار على استعادة كافة الأراضي، بما في ذلك القرم ودونباس، سيطيل أمد الحرب ويعمق من معاناة المدنيين؟
الجواب معلق على ميزان دقيق بين إرادة الشعب الأوكراني، والضغوط الدولية، وحسابات القوى الكبرى.
ومع استعداد الأطراف لمفاوضات قد تكون الأكثر تعقيداً منذ بدء الحرب، يبقى مصير أوكرانيا معلقاً بين شبح الحرب الطويلة وسلام قد يُفرض بشروط قاسية.