أسبوع تركيا المميز.. كيف لمعت أنقرة على الساحة الدولية؟

أسبوع تركيا المميز.. كيف لمعت أنقرة على الساحة الدولية؟

ماذا حدث؟

شهدت تركيا أسبوعًا دبلوماسيًا استثنائيًا في مايو 2025، عزز مكانتها كلاعب محوري على الساحة الدولية، من خلال ما يلي:

أولًا، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن الحكومة السورية الجديدة، بعد دور حاسم لعبته تركيا في الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر 2024.

جاء هذا القرار خلال لقاء ترامب في الرياض مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، حيث شارك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر الهاتف.

ثانيًا، أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK) حله وإنهاء كفاحه المسلح بعد أشهر من الدبلوماسية السرية مع تركيا، وهي خطوة تاريخية تنهي صراعًا دام أربعة عقود.

ثالثًا، استضافت إسطنبول أول محادثات سلام مباشرة بين مسؤولين أوكرانيين وروس منذ مارس 2022، بحضور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو.

على الرغم من غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مما منع ترامب من الحضور، عكست هذه المحادثات قدرة تركيا على التوفيق بين أطراف متصارعة.

لماذا هذا مهم؟

تؤكد هذه الإنجازات الثلاثة براعة أردوغان في استغلال موقع تركيا الجغرافي، وقوتها العسكرية، وحجمها الاقتصادي لتحقيق نفوذ يفوق توقعات كثيرين.

لسنوات، اعتبر بعض المسؤولين والمحللين الغربيين أردوغان زعيمًا شعبويًا يعاني من اقتصاد متعثر وطموحات وهمية، لكن تصريحه في ديسمبر 2024 بأن “تركيا أكبر من تركيا” يبدو الآن أكثر صدقًا، حيث أصبحت أنقرة لاعبًا لا غنى عنه من البحر الأسود إلى الشام ومن آسيا الوسطى إلى أوروبا.

في سوريا، عززت تركيا نفوذها بإسقاط خصمها الأسد، مما فتح الباب أمام إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية.

حل حزب العمال الكردستاني يعزز الأمن الداخلي ويقلل من التوترات الحدودية، رغم مخاطر انشقاق فصائل صغيرة.

كما أن استضافة محادثات أوكرانيا-روسيا، حتى لو لم تسفر عن اختراق، تبرز دور تركيا كوسيط محايد، مع الحفاظ على دعمها لأوكرانيا بطائرات مسيرة.

هذه النجاحات تأتي رغم التحديات الداخلية، حيث واجه أردوغان احتجاجات واسعة بسبب سجن منافسه السياسي، عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، مما يظهر قدرته على تحويل الأنظار إلى إنجازات خارجية لتعزيز موقعه الداخلي.

ماذا بعد؟

رغم التألق الدبلوماسي، فإن هذه الإنجازات ليست مضمونة الاستمرار.

في سوريا، يتوقف النجاح على قدرة القيادة الجديدة على توحيد البلاد، وسط تحديات مثل إدارة العلاقات مع إسرائيل التي تخشى التوسع العسكري التركي.

حل حزب العمال الكردستاني هش، ويتطلب مراقبة دقيقة لضمان عدم ظهور جماعات متمردة جديدة، مع حاجة إلى مفاوضات لتسليم الأسلحة ودمج المقاتلين السابقين.

محادثات أوكرانيا-روسيا قد تظل عالقة، لكن دور تركيا كوسيط سيستمر في تعزيز مكانتها، خاصة مع دعم حلفاء مثل فرنسا التي أيدت مبادرتها.

داخليًا، يسعى أردوغان لاستغلال هذه الانتصارات لتثبيت سلطته، لكن الاحتجاجات المستمرة تشير إلى مقاومة شعبية قد تعيق خططه.

على الصعيد الإقليمي، ستعزز تركيا نفوذها في الدول الإسلامية، كما يتضح من شكر باكستان لوساطتها في الصراع مع الهند.

عسكريًا، ستلعب تركيا دورًا متزايدًا في أمن أوروبا، خاصة في دعم أوكرانيا، بفضل صناعتها الدفاعية المتوافقة مع الناتو، لكن تحقيق “سلام تركي” يتطلب توازنًا دقيقًا بين الطموحات الإقليمية والاستقرار الداخلي، مع إدارة علاقات معقدة مع واشنطن وموسكو وتل أبيب.

إذا نجح أردوغان في استدامة هذه المكاسب، فقد تعيد تركيا تشكيل التوازنات الجيوسياسية في المنطقة، لكن أي انتكاسة قد تعرض هذا الزخم للخطر.

هاشتاق:
شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *