ماذا حدث؟
أثار النائب البرلماني المغربي هشام المهاجري جدلاً غير مسبوق في البرلمان المغربي بعد كشفه عن استخدامه لتطبيق الذكاء الاصطناعي “ChatGPT” لصياغة سؤال برلماني حول تقدم الحكومة في إصلاح قطاع الصحة.
خلال جلسة الأسئلة الشفوية، وجه المهاجري سؤالاً حول مستشفى القرب في إيمنتانوت، الذي اكتمل بناؤه عام 2018 لكنه ظل مغلقًا، مشيرًا إلى أن ردود “ChatGPT” حول إجراءات الإصلاح الصحي كانت “أدق” من إجابات وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي.
وفقًا للمهاجري، اقترح “ChatGPT” ستة إجراءات أساسية لإصلاح القطاع الصحي: تأهيل البنية التحتية، وتوفير موارد بشرية مدربة، وتحسين توزيع الأطر الصحية، وإدماج الخريجين الجدد، ومكافحة الاختلالات في التجهيزات، وتسهيل الوصول إلى التغطية الصحية الشاملة.
انتقد المهاجري الوزير لعدم تناوله هذه الإجراءات، متهمًا إياه بالتركيز على “مواضيع أخرى تتعلق بالصفقات”.
تصريحات المهاجري، التي انتشرت عبر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، أشعلت نقاشًا حادًا بين النواب والحكومة حول فعالية إصلاحات القطاع الصحي.
لماذا هذا مهم؟
هذه الحادثة تسلط الضوء على توترات مستمرة بين البرلمان والحكومة المغربية بشأن إصلاح قطاع الصحة، وهو ملف حيوي يرتبط بمشروع “تعميم الحماية الاجتماعية” الذي يحظى بأولوية وطنية تحت رعاية الملك محمد السادس.
استخدام المهاجري لـ”ChatGPT” ليس مجرد خطوة رمزية، بل يعكس إحباط المعارضة من بطء تنفيذ الإصلاحات الصحية، خاصة في ظل استمرار مشاكل مثل إغلاق مستشفيات جاهزة ونقص الأطر الصحية في المناطق النائية.
الحكومة، بقيادة عزيز أخنوش، أعلنت عن استثمارات كبيرة، بما في ذلك إعادة تأهيل 83 مستشفى بسعة 8700 سرير، وتعيينات غير مسبوقة للأطر الصحية، لكن المعارضة، بما في ذلك المهاجري، تؤكد وجود “فجوة كبيرة” بين الوعود الحكومية والواقع الميداني.
تصريح المهاجري بأن “أرقام ChatGPT أدق” يحمل طابعًا استفزازيًا، مما يعزز الانطباع بفقدان الثقة في بيانات الحكومة، خاصة في سياق أزمة الموارد البشرية الصحية، حيث أشار تقرير للمعارضة إلى أن المغرب يعاني من نقص حاد في الأطباء والممرضين، مع نسبة 1.7 طبيب لكل 1000 نسمة، مقارنة بالمعايير الدولية (3.5 لكل 1000).
هذا الجدل يعكس أيضًا التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي في السياسة، حيث أثار استخدام “ChatGPT” تساؤلات حول دور التكنولوجيا في صياغة الخطاب السياسي ومراقبة الأداء الحكومي.
ماذا بعد؟
الحادثة قد تؤدي إلى تصعيد التوتر بين الحكومة والمعارضة، خاصة مع استمرار النقاش حول إصلاح القطاع الصحي، الذي يُعتبر ركيزة أساسية لمشروع الحماية الاجتماعية.
من المتوقع أن يواصل المهاجري ونواب المعارضة الضغط على الحكومة لتقديم إجابات واضحة حول تأخر تنفيذ مشاريع مثل مستشفى إيمنتانوت، مع احتمال استدعاء وزير الصحة لجلسات إضافية في البرلمان.
الحكومة، من جانبها، قد تستجيب من خلال تسريع وتيرة الإصلاحات، حيث أعلن الوزير التهراوي عن برنامج لإعادة تأهيل المستشفيات وتوزيع عادل للأطر الصحية بحلول 2028.
ومع ذلك، فإن الفجوة بين التعهدات والتنفيذ قد تظل نقطة خلاف رئيسية، خاصة إذا استمر النواب في استخدام أدوات مثل الذكاء الاصطناعي لتحدي روايات الحكومة.
على المدى الطويل، قد تدفع هذه الحادثة إلى نقاش أوسع حول دمج التكنولوجيا في العمل البرلماني، مع احتمال وضع إطار تنظيمي لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في صياغة الأسئلة أو مراقبة الأداء الحكومي.
في الوقت الحالي، يبقى التحدي الأكبر هو استعادة الثقة في المنظومة الصحية، حيث يتوقع المغاربة تحسينات ملموسة في الخدمات الصحية، خاصة في المناطق القروية والنائية.