كتب- محمد النجار:
في عالم يتطور فيه الذكاء الاصطناعي بوتيرة سريعة، أصبح التفاعل مع المساعدين الرقميين مثل “سيري” و”أليكسا” أمرًا يوميًا، إلا أن تجربة المستخدمين ليست متساوية.
بينما يستطيع البعض الاستفادة بسلاسة من هذه التقنيات، يواجه آخرون صعوبات كبيرة في جعلها تفهم كلماتهم.. فما السبب وراء هذا التفاوت؟
ذكاء اصطناعي بلا تعاطف
منذ ظهور فيلم “Her” عام 2013، الذي تناول علاقة إنسان بذكاء اصطناعي متقدم، راود الكثيرين حلم امتلاك مساعد ذكي يفهمهم تمامًا، لكن بعد أكثر من عقد، لا تزال أنظمة التعرف على الكلام عاجزة عن محاكاة الفهم البشري الحقيقي، فعلى الرغم من التقدم الهائل، فإن هذه الأنظمة تفتقر إلى ما يسميه الباحثون بـ”الاستماع التعاطفي”.
على عكس البشر، لا يستطيع الذكاء الاصطناعي استنباط المعنى من تعبيرات الوجه أو نبرة الصوت، بل يعتمد على الاحتمالات، ما قد يؤدي إلى أخطاء فادحة، خاصة عند التعامل مع لهجات أو أساليب كلام غير مألوفة لديه.
من هم الأكثر تضررًا؟
أثبتت الأبحاث أن أنظمة التعرف على الكلام تعمل بشكل أقل دقة مع فئات معينة، مثل أصحاب اللهجات الإقليمية، أو غير الناطقين الأصليين بالإنجليزية، أو المتحدثين بلهجات مثل “الإنجليزية الأمريكية الإفريقية”، كما تعاني النساء، وكبار السن، وحتى الأطفال من سوء فهم الذكاء الاصطناعي لهم.
تخيل أن تتعرض لحادث مروري، فتتصل بالطوارئ لتجد نفسك أمام نظام آلي لا يفهم نداء استغاثتك، مما يزيد من خطر تأخير الاستجابة في لحظات حرجة.
ذه ليست مجرد فرضية خيالية، بل سيناريو محتمل مع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مجالات حساسة مثل الصحة، والخدمات العامة، وإنفاذ القانون.
تحيز لغوي في البيانات
يرجع هذا القصور إلى البيانات المستخدمة في تدريب الأنظمة الذكية، فإذا كان الذكاء الاصطناعي يتعامل بدقة مع أشخاص من خلفيات اجتماعية معينة، فهذا يعكس نوعية البيانات التي جرى تلقينه بها.
غالبًا ما يتم تغذية هذه الأنظمة بسجلات صوتية لأشخاص ينتمون إلى فئات مجتمعية محددة، مما يؤدي إلى انحياز لغوي يكرس التفاوت في الفهم.
هل هناك حل؟
يتطلب تحسين هذه الأنظمة استثمارًا ضخمًا في جمع بيانات أكثر تنوعًا، تشمل جميع أنماط الكلام واللهجات المختلفة، كما أن القوانين تفرض أحيانًا توفير خدمات عادلة للجميع، مثلما هو الحال في الولايات المتحدة، حيث تُلزم الهيئات الحكومية بضمان وصول متساوٍ للخدمات، بغض النظر عن اللغة التي يتحدث بها الشخص.
رغم أن الذكاء الاصطناعي قد يواصل التطور ليصبح أكثر دقة، إلا أن الكثيرين لا يزالون يفضلون التعامل مع أشخاص حقيقيين، خاصة في الأمور الحساسة مثل الصحة والمال.
في النهاية، يبقى البشر أكثر قدرة على فهم بعضهم البعض، بينما الذكاء الاصطناعي إما أن يعمل بكفاءة، أو ببساطة… لا يفهم!.