كيف يفكر الذكاء الاصطناعي؟

الذكاء الاصطناعي

في عالم يتسارع نحو الابتكار، يظل سؤال “كيف يفكر الذكاء الاصطناعي؟” يُثير الفضول والجدل.

قادة شركات مثل “أوبن إيه آي” و”أنثروبيك” و”جوجل” يراهنون على أن أنظمتهم ستصل قريبًا إلى مستوى الذكاء البشري، لكن موجة من التشكك تنمو بين الباحثين، مؤكدة أن الذكاء الاصطناعي الحالي لا يُفكر كالبشر، بل يعتمد على نهج مختلف تمامًا.

ماذا حدث؟

بحسب وول ستريت جورنال، كشفت أبحاث حديثة، نُشرت في أبريل 2025، عن الآلية الداخلية لنماذج الذكاء الاصطناعي، مُسلطة الضوء على حدودها.

باستخدام تقنيات “التفسير الآلي”، فحص الباحثون كيف تتعامل هذه النماذج مع مهام مثل الحساب، الألعاب، أو التنقل.

وجدت ميلاني ميتشل، أستاذة في معهد سانتا في، أن النماذج لا تبني “نماذج عالمية” تُحاكي التفكير البشري القائم على العلاقات السببية، بل تعتمد على “مجموعات ضخمة من القواعد التقريبية”.

على سبيل المثال، عندما درّب كيون فافا، باحث بجامعة هارفارد، نموذجًا على توجيهات تنقل في مانهاتن، أنتج خريطة مشوهة تحتوي على مسارات مستحيلة، مثل القفز فوق سنترال بارك، لكنه حقق دقة 99% في التوجيهات.

لكن عند إغلاق 1% من الطرق، انهار الأداء، مكشوفًا عن افتقاره إلى مرونة التفكير البشري.

أظهرت دراسات أخرى أن النماذج تستخدم قواعد منفصلة لعمليات حسابية في نطاقات مختلفة، مما يعكس نهجًا ميكانيكيًا بعيدًا عن التفكير المنطقي.

لماذا هذا مهم؟

تُبرز هذه الاكتشافات فجوة جوهرية بين الذكاء الاصطناعي والبشر، فبينما يبني البشر نماذج ذهنية مرنة تتيح التنبؤ والتكيف، تعتمد النماذج الحالية على حفظ قواعد ضخمة، مما يجعلها هشة خارج نطاق تدريبها.

هذا يفسر حجمها الهائل وحاجتها إلى بيانات ضخمة، على عكس البشر الذين يتعلمون من تجارب قليلة.

وفقًا لميتشل، تشير هذه القيود إلى أن وصف النماذج بـ”التفكير” هو تضخيم أنثروبومورفي، كما تُظهر بيانات “Artificial Analysis” أن أداء نماذج الشركات الكبرى، مثل “جوجل” و”أوبن إيه آي”، يتقارب عند مستوى قد يكون بلغ ذروته، مما يعزز الشكوك حول وصولها إلى الذكاء العام (AGI).

هذه الرؤية تتحدى توقعات قادة مثل إيلون ماسك وسام ألتمان، الذين يرون الذكاء البشري في متناول اليد بحلول 2026، وتُسلط الضوء على ضرورة إعادة التفكير في تصميم النماذج لتحقيق تقدم حقيقي.

ماذا بعد؟

ستستمر الأبحاث في استكشاف قيود الذكاء الاصطناعي، مع تركيز على تحسين “التفسير الآلي” لفهم آلياته بشكل أعمق.

يرى جاكوب أندرياس، باحث في معهد MIT، أن فهم هذه القيود سيؤدي إلى تدريب نماذج أكثر دقة وموثوقية، وقد تدفع هذه الرؤى الشركات إلى تصميم أنظمة أقل اعتمادًا على الحفظ وأكثر قدرة على بناء نماذج عالمية مرنة.

لكن التحدي الأكبر يكمن في التغلب على الهيكلية الحالية، التي تشبه “آلات روب جولدبرج” المعقدة، لخلق ذكاء يُحاكي المرونة البشرية.

على المدى القريب، ستظل النماذج أدوات قوية لتعزيز الإنتاجية في مجالات مثل البرمجة، لكن توقعات الوصول إلى الذكاء العام الاصطناعي قد تتأخر، مما يثير تساؤلاً جوهريًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتجاوز دوره كآلة حفظ إلى مفكر حقيقي، أم أننا نسير في طريق مسدود؟

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *