كيف تسبب الانترنت في انقسام البشرية بدلاً من تقاربها؟

كيف تسبب الانترنت في انقسام البشرية بدلاً من تقاربها؟

ماذا حدث؟

كان هدف الإنترنت، كما تصوره مبتكره تيم بيرنرز-لي، توحيد البشرية عبر تسهيل التواصل ونشر المعرفة، لكن بحلول أكتوبر 2025، أصبح مصدراً للانقسام.

أظهرت دراسات، مثل دراسة دانا مكاي 2022، أن المستخدمين يتفاعلون مع محتوى يتعارض مع معتقداتهم، مما يُغذي ظاهرة “الاستقطاب العاطفي”، حيث يُفضل الأفراد من يشاركونهم الرأي ويكرهون المخالفين.

تُشير أبحاث إلى أن خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، تُعزز المحتوى المثير للجدل لزيادة التفاعل (الإعجابات والتعليقات)، حيث كانت ردود الفعل العاطفية (مثل الغضب) تُقيّم بخمسة أضعاف قيمة “الإعجاب” في 2021، وفقاً لتقرير “واشنطن بوست”.

هذا يُؤدي إلى “فرز حزبي”، حيث ينقسم الناس إلى قبائل أيديولوجية تختلف حول قضايا متعددة.

تُظهر تقارير “فاينانشال تايمز” أن الوقت المقضي على وسائل التواصل انخفض بنسبة 10% منذ ذروته في 2022، مع هجرة المستخدمين إلى منصات مثل “بلو سكاي” اليسارية و”تروث سوشال” اليمينية، مما يُعكس استياءً من الوضع الحالي.

لماذا هذا مهم؟

يُعد الانقسام الناتج عن الإنترنت تهديداً للتماسك الاجتماعي، حيث يُغذي الاستقطاب العاطفي نزاعات واقعية، كما في أستراليا 2025، حيث تسببت المعلومات المغلوطة في مسيرات نازية جديدة وإلغاء فعاليات لمجتمع المثليين بسبب التهديدات.

أهميته تكمن في تأثيره على الصحة النفسية (زيادة القلق بنسبة 15% بين الشباب، وفق دراسات عالمية) وزيادة الإنفاق الحكومي على الشرطة. اقتصادياً، تُحقق منصات التواصل أرباحاً من المحتوى المثير (إيرادات فيسبوك 135 مليار دولار في 2024)، لكنها تُكلف المجتمعات اضطرابات، كما في احتجاجات 2024 بأوروبا بسبب خطاب الكراهية.

سياسياً، يُعيق الديمقراطية، حيث يُقلل الثقة في المؤسسات (انخفضت بنسبة 20% عالمياً منذ 2015، وفق “إديلمان ترست”).

عالمياً، يُفاقم الاستقطاب الصراعات، كما في الحملات الإعلامية حول أوكرانيا وغزة، مما يُعزز التطرف. يُشير تقرير “ذا كونفيرسيشن” إلى أن المحتوى العاطفي يُضخم الأخبار المغلوطة، حيث يزيد الحالة العاطفية من تصديق الأكاذيب بنسبة 30%.

ماذا بعد؟

مع تراجع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، من المتوقع أن تُواصل المنصات تعزيز المحتوى المثير ما لم تتدخل الحكومات. يُقترح فرض ضرائب على المنصات بناءً على معدلات التفاعل مع المحتوى الاستقطابي، كما حدث مع تنظيم التبغ، مما يُعيد هيكلة اقتصاديات الإنترنت لتفضيل الحوار المتوازن.

فردياً، يمكن للمستخدمين تقليل التفاعل مع “الطعم الغاضب” (rage bait) بنسبة 50%، كما تُظهر أبحاث، للحد من الاستقطاب.

على المدى الطويل، قد تُؤدي منصات جديدة مثل “بلو سكاي” إلى مجتمعات أكثر انغلاقاً، لكنها قد تُقلل التوترات على المنصات الكبرى.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *