ماذا حدث؟
في تحول لافت، انتقلت النقاشات العالمية حول الذكاء الاصطناعي من التركيز على مخاطر الأمان والتنظيم إلى تشجيع الابتكار والاستثمار، وذلك خلال قمة “العمل من أجل الذكاء الاصطناعي” التي عقدت في باريس.
القمة، التي استضافها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، شهدت مشاركة قادة عالميين مثل نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ووزير التكنولوجيا البريطاني بيتر كايل، الذين أكدوا جميعًا على أهمية تعزيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
على عكس القمم السابقة التي عقدت في المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية، حيث كانت مخاوف الأمان هي المحور الرئيسي، جاءت قمة باريس لتركز على الفرص الاقتصادية التي يوفرها الذكاء الاصطناعي.
الإعلان الختامي للقمة ذكر كلمة “الأمان” ثلاث مرات فقط، بينما ركزت الخطابات على الإعلان عن استثمارات ضخمة ووعد بتبني أنظمة تنظيمية خفيفة.
نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس قال: “أنا لست هنا للتحدث عن أمان الذكاء الاصطناعي، أنا هنا للتحدث عن فرص الذكاء الاصطناعي”.
من جهتها، أعلنت فون دير لاين عن خطة استثمارية بقيمة مليارات اليورو لدعم تطوير الذكاء الاصطناعي في أوروبا، مؤكدة أن “القيادة العالمية في الذكاء الاصطناعي ما زالت متاحة، وأوروبا مفتوحة للذكاء الاصطناعي وللأعمال”.
لماذا هذا مهم؟
استخدم ماكرون القمة للإعلان عن استثمار 109 مليارات يورو في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات القادمة، مؤكدًا على ضرورة أن تصبح أوروبا رائدة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما وعدت المفوضية الأوروبية بتقليل البيروقراطية واللوائح التنظيمية المعقدة التي تعيق الابتكار.
وأكدت هنا فيركونين، المسؤولة عن السيادة التكنولوجية في الاتحاد الأوروبي، على التزام الاتحاد بجعل الإطار التنظيمي أكثر ملاءمة للابتكار، قائلة: “أنا آخذ هذه الانتقادات على محمل الجد، خاصة من الشركات الصغيرة والصناعة، التي تشكو من كثرة البيروقراطية”.
ماذا بعد؟
هذا التحول في النهج لاقى ترحيبًا كبيرًا من قبل صناعة الذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل الضغوط التنظيمية التي واجهتها بعض الشركات مثل “أوبن إيه آي” في أوروبا.
كريس ليهان، المسؤول العالمي للشؤون العامة في أوبن إيه آي، قال: “علينا أن نكون مستعدين لاحتضان الابتكار، لأن أكبر خطر قد نواجهه هو تفويت الفرص الاقتصادية التي يوفرها هذا التكنولوجيا”.
لكن ليس الجميع راضٍ عن هذا التحول، فقد أعرب داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة “أنثروبيك”، عن قلقه من أن المحادثات الدولية حول الذكاء الاصطناعي لا تعالج بشكل كافٍ المخاطر الأمنية المتزايدة للتكنولوجيا.
كما انتقدت مجموعات حقوق الرقمية الاتحاد الأوروبي لتخفيفه القيود التنظيمية، معتبرة أن ذلك يهدد المكاسب التي تحققت في مجال حقوق الإنسان.
ختامًا، قمة باريس للذكاء الاصطناعي مثلت تحولًا كبيرًا في النقاش العالمي حول هذه التكنولوجيا، من التركيز على الأمان إلى تشجيع الابتكار والاستثمار، وبينما يرحب البعض بهذا التحول كفرصة لتعزيز النمو الاقتصادي، يرى آخرون أنه قد يأتي على حساب الضوابط الأخلاقية والأمنية.
في النهاية، يبقى السؤال: هل يمكن تحقيق التوازن بين الابتكار والأمان في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي؟