ماذا حدث؟
تاريخياً، اعتمدت الجامعات على ندرة المعرفة، حيث كانت الرسوم الدراسية وشهاداتها تعكس قيمة الوصول إلى معلومات يصعب الحصول عليها.
الآن، الذكاء الاصطناعي (AI)، خاصة النماذج اللغوية الكبيرة مثل ChatGPT، قلّص تكلفة إنتاج المعلومات وتنظيمها إلى ما يقارب الصفر.
يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يضيف ما بين 2.6 و4.4 تريليون دولار سنوياً للإنتاجية العالمية، وهذا التحول أدى إلى التقليل من القيمة الإضافية للشهادات الجامعية.
في المملكة المتحدة، انخفضت وظائف المبتدئين بنحو الثلث منذ إطلاق ChatGPT، وفي الولايات المتحدة، خفضت ولايات مثل ماريلاند متطلبات الشهادات في وظائف القطاع العام من 68% إلى 53% بين 2022 و2024.
وحل الذكاء الاصطناعي محل المهام القابلة للبرمجة، مثل تحليل البيانات أو صياغة العقود، مما يضغط على أجور الخريجين.
لماذا هذا مهم؟
الذكاء الاصطناعي يعيد تسعير العمالة، حيث يحل محل المعرفة القابلة للبرمجة (مثل القوانين الضريبية) بينما يعزز قيمة المهارات السياقية (مثل القيادة والإبداع).
وفقاً للاقتصاديين ديفيد أوتور ودارون أسيموغلو، المهارات التكميلية للذكاء الاصطناعي، مثل التفكير النقدي والذكاء العاطفي، تزداد قيمتها.
تحليلات سوق العمل من Lightcast تظهر أن ثلث المهارات المطلوبة تغيرت بين 2021 و2024، مع تراجع الطلب على الخبرات الروتينية.
ندرة اليوم ليست في المعلومات، بل في الانتباه، والحكم السليم، والأخلاق، والجامعات التي تعتمد على بيع المعرفة التقليدية تواجه أزمة، حيث يتحرك سوق العمل نحو تقييم المهارات البشرية التي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي محاكاتها بعد.
إذا لم تتكيف الجامعات، فقد تفقد أهميتها أمام الطلاب وأرباب العمل.
ماذا بعد؟
الجامعات بحاجة إلى إعادة هيكلة نموذجها التعليمي للتركيز على المهارات التكميلية للذكاء الاصطناعي: (التفكير النقدي، والمرونة، والذكاء العاطفي، والمسؤولية، والعمل الجماعي، والإبداع، والتعلم المستمر). الخطوات العملية تشمل:
– مراجعة المناهج: إذا كان الذكاء الاصطناعي يجتاز اختبارات المقررات، يجب تحويل التقييم نحو الحكم والتوليف بدلاً من استرجاع المعلومات.
– تعزيز التجربة التعليمية: الاستثمار في مشاريع عملية، محاكاة لتحديات العالم الحقيقي، ومختبرات لاتخاذ القرارات الأخلاقية باستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة.
– تطوير شهادات جديدة: إصدار شهادات صغيرة لمهارات مثل التعاون والتفكير الأخلاقي، التي يقدرها أرباب العمل.
– شراكات مع الصناعة: تصميم تقييمات مشتركة مع أرباب العمل لضمان الملاءمة، مع الحفاظ على استقلالية الأكاديميين.
بدون هذه التغييرات، ستفقد الجامعات ميزتها التنافسية، حيث يتحول الطلب إلى التعليم الذاتي ومنصات الذكاء الاصطناعي، والفرصة تكمن في تعليم الطلاب كيفية التفكير مع الآلات الذكية، لا ضدها، لضمان استمرار القيمة في سوق عمل متغير.