هل يشهد العالم الهدوء الذي يسبق العاصفة الاقتصادية؟

هل يشهد العالم الهدوء الذي يسبق العاصفة الاقتصادية؟

ماذا حدث؟

في اجتماعات الصندوق الدولي للنقد (IMF) والبنك الدولي في واشنطن (13-18 أكتوبر 2025)، أعلن المدير التنفيذي كريستالينا غيورغيفا رفع توقعات النمو العالمي لـ2025 إلى 3.2%، مقابل 2.8% في أبريل، مع تحسين في الولايات المتحدة (2.5%) ودول أخرى، بفضل مرونة الاقتصاد أمام التعريفات الجمركية لترامب والتضخم.

ومع ذلك، حذرت غيورغيفا من “اختبار لم يُختبر بعد”، مشيرة إلى ارتفاع طلب الذهب (أكثر من 20% من الاحتياطيات) كعلامة على عدم اليقين.

أبرز التقرير “الاقتصاد في حالة تغير”، مع تباطؤ النمو التجاري (2.4%) خلف النمو العام، وديون عالمية تتجاوز 235% من الناتج المحلي الإجمالي.

ركزت المناقشات على مخاطر التعريفات (100% محتملة على الصين)، الذكاء الاصطناعي (يُساهم 1.1% في نمو الولايات المتحدة)، والديون، مع تحذير من “ركود تضخمي خفيف” إذا تصاعدت التوترات. أشاد مسؤولو ترامب بالمرونة، بينما عبرت قادة أوروبيون مثل ناديا كالفينيو عن قلق من “الانفصال التجاري” و”الاعتماد على قرارات أمريكية”.

أكدت غيورغيفا أن “الاختبارات السياسية” على البنوك المركزية تهدد الاستقرار، مع مخاطر من الذكاء الاصطناعي والديون.

لماذا هذا مهم؟

يُعد هذا “الهدوء المؤقت” إشارة إلى اختبار للاقتصاد العالمي بعد صدمات متعددة (تعريفات، وتضخم، وديون)، حيث رفع التوقعات يعكس مرونة السياسات النقدية والمالية، لكنه يخفي مخاطر “غير مُختبرة” كما قالت غيورغيفا، مما يطرح تساؤلات عن استدامة النمو في عالم “مُجزأ”.

أهميته تكمن في أنه يُبرز تناقضاً: الولايات المتحدة تُحقق نمواً أقوى (2.5%) بفضل الذكاء الاصطناعي، لكن التعريفات تهدد بـ”تأثير متأخر” يُبطئ الدول الناشئة، مع ديون تصل 235% من الناتج المحلي، مما يُفاقم عدم الاستقرار في الأسواق النامية.

إقليمياً، يُعكس القلق الأوروبي “تحولاً” نحو شراكات “فوز-فوز” بعيداً عن الاعتماد الأمريكي، كما قالت كالفينيو، بينما يُحذر الصندوق من “اختبارات سياسية” على البنوك المركزية، مما قد يُعيد التضخم أو يُبطئ الدعم المالي.

عالمياً، يُؤكد ارتفاع الذهب (20% من الاحتياطيات) على “عدم اليقين الجديد”، حيث يُختبر الذكاء الاصطناعي كمحرك نمو (مثل الثورة الصناعية الأولى)، لكنه يُهدد بالتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، مما يجعل الاجتماعات “شاشة مزدوجة” للارتياح والقلق، وتُحدد مصير الاستقرار العالمي.

ماذا بعد؟

مع انتهاء الاجتماعات، من المتوقع اختبار التنبؤات في الستة أشهر القادمة، حيث قد يُؤدي تصعيد التعريفات مع الصين (100% محتملة) إلى تباطؤ بنسبة 0.3% عالمياً بحسب الصندوق، أو يُعزز الذكاء الاصطناعي النمو إذا نجحت الاستثمارات (1.1% في الولايات المتحدة).

إذا نجحت السياسات، قد يُختبر الاقتصاد بـ”اختبارات سياسية” أقل شدة، مع دعم للدول الناشئة عبر إصلاحات نقدية، لكن الفشل يُهدد بركود تضخمي خفيف، خاصة في أمريكا حيث يُتوقع تضخم 2.9% في أغسطس.

إقليمياً، قد تُعزز أوروبا شراكات “فوز-فوز” لتقليل الاعتماد الأمريكي، كما قالت كالفينيو، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي كمحرك، لكن مخاطر الديون (235% عالمياً) قد تُؤدي إلى صدمة في الأسواق النامية.

في النهاية، يعتمد “الهدوء” على اختبار السياسات، حيث قد يُصبح الأمر “عاصفة” إذا لم تُدار المخاطر، أو يُؤدي إلى نمو مستدام إذا نجح التعاون الدولي، مما يُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي كما الثورة الصناعية الأولى.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *