ماذا حدث؟
انتشرت شائعة على وسائل التواصل الاجتماعي زعمت أن 62 تريليون دينار عراقي، أي ما يقارب نصف الكتلة النقدية في العراق، قد أُتلفت بسبب “الفئران والجرذان” في خزائن البنك المركزي العراقي.
هذا الادعاء أثار جدلاً واسعًا بين العراقيين، حيث سخر البعض من الفكرة، بينما أثار آخرون شكوكًا حول احتمال وجود فساد مالي.
رداً على ذلك، نفى المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، هذه الشائعة، مؤكدًا أنها “غير منطقية ولا أساس لها من الصحة”.
وأوضح أن إجمالي الكتلة النقدية في العراق لا يتجاوز 100 تريليون دينار، مما يجعل فكرة إتلاف أكثر من نصفها بسبب عوامل بيئية أو بيولوجية مستحيلة اقتصاديًا.
كما أشار إلى أن 88% من هذه الكتلة مكتنزة لدى الأفراد خارج النظام المصرفي، وليست مخزنة في مكان واحد يمكن أن يتعرض للتلف.
لماذا هذا مهم؟
هذه الشائعة تسلط الضوء على تحديات الثقة في النظام المالي العراقي، حيث يعاني البلد من تاريخ طويل من الفساد المالي، كما أظهرت قضية اختفاء 3.7 تريليون دينار (2.5 مليار دولار) من أموال الضرائب والجمارك في 2022.
انتشار مثل هذه الأخبار المغلوطة يعكس ثقافة نقدية متوارثة في المجتمع العراقي، حيث يفضل الأفراد الاحتفاظ بالنقود خارج البنوك، مما يجعل النظام المالي عرضة للشائعات والتلاعب.
تصريحات صالح أكدت أن النظام النقدي يخضع لإجراءات صارمة في الطباعة والتخزين والفحص الدوري، لكن الجدل الناتج عن الشائعة يعزز الشكوك حول شفافية إدارة الأموال العامة.
كما أنها تثير تساؤلات حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الأخبار المفبركة، التي قد تزعزع استقرار الثقة الاقتصادية في بلد يعتمد بنسبة 91% على إيرادات النفط.
ماذا بعد؟
نفي الشائعة رسميًا قد يهدئ الجدل مؤقتًا، لكنه لا يحل المشكلات الهيكلية في الاقتصاد العراقي، فاستمرار الاعتماد على الاقتصاد الريعي، كما أشار خبراء اقتصاديون، يجعل العراق عرضة لتقلبات أسعار النفط، بينما تظل البنية التحتية متدهورة رغم إنفاق 1.4 تريليون دولار منذ 2003.
الحكومة بحاجة إلى تعزيز الشفافية في إدارة الأموال العامة وزيادة الثقة في النظام المصرفي لتقليل اكتناز النقود، كما أن مواجهة الأخبار المغلوطة تتطلب استراتيجيات تواصل فعالة للحد من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي.
إذا لم تُعالج هذه التحديات، فقد تستمر الشائعات في التأثير على الاستقرار الاقتصادي، خاصة مع وجود قضايا فساد سابقة تُغذي الشكوك العامة.