ماذا حدث؟
شهد الربع الأول من عام 2025 تحولات دراماتيكية في سوق الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مدفوعة بعودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وسياساته التجارية وما صحبها من رسوم جمركية.
أعلنت منظمة “أوبك+”، التي تضم منتجي النفط الرئيسيين مثل السعودية والإمارات، زيادة مفاجئة في الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من مايو، وهي خطوة جاءت بعد يوم واحد من فرض ترامب تعريفات جمركية جديدة في 2 أبريل.
هذه التعريفات، التي طالت دولًا مثل العراق (39%) والجزائر (30%)، أثارت موجة من التقلبات، حيث هبطت أسعار النفط الخام إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، وهو مستوى يضغط على ميزانيات الدول النفطية.
في الوقت ذاته، عانت دول مثل مصر من نقص في إمدادات الغاز الطبيعي، مما أجبرها على استيراد الغاز المسال بتكلفة مرتفعة، بينما لجأت سوريا إلى روسيا وقطر لتأمين احتياجاتها من الطاقة وسط عقوبات أمريكية مشددة.
كما أعلنت السعودية عن تقليص أهدافها لإنتاج الأمونيا الزرقاء، في إشارة إلى تباطؤ سوق الهيدروجين النظيف.
لماذا هذا مهم؟
تُعد هذه التطورات مؤشرًا على تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية التي تهدد استقرار سوق الطاقة في المنطقة. فالتعريفات الأمريكية لا تؤثر فقط على الدول المصدرة للنفط، بل تمتد تداعياتها إلى اقتصادات مستهلكة للطاقة مثل مصر، حيث تتفاقم الأزمات المالية بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد.
أما سوريا، فإن اعتمادها على موردين خاضعين للعقوبات، مثل روسيا، يعكس هشاشة أمنها الطاقوي وصعوبة إعادة الإعمار.
من ناحية أخرى، تعكس زيادة إنتاج “أوبك+” محاولة لاسترضاء إدارة ترامب، التي تسعى لخفض أسعار الطاقة، لكنها في الوقت ذاته تعرض الدول المنتجة لخسائر مالية، خاصة مع توقعات بانخفاض الطلب في آسيا بسبب تباطؤ اقتصادي محتمل.
قرار السعودية بخفض طموحاتها في الهيدروجين النظيف ينذر بتحديات أوسع أمام التحول الطاقوي في المنطقة، حيث يظل الاعتماد على الوقود الأحفوري مهيمنًا.
هذه التحركات تشير إلى أن السياسات الأمريكية، سواء عبر التعريفات أو العقوبات، ستظل المحرك الرئيسي لديناميكيات الطاقة في 2025.
ماذا بعد؟
يتوقع أن يشهد الربع الثاني من 2025 مزيدًا من التقلبات، مع ترقب زيارة ترامب المنتظرة للسعودية والإمارات، والتي قد تحدد مسار علاقات “أوبك+” مع واشنطن.
إذا نجحت المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران في التوصل إلى اتفاق نووي جديد، فقد تعود ملايين البراميل الإيرانية إلى السوق، مما يزيد الضغط على الأسعار.
في المقابل، قد تؤدي العقوبات المشددة على إيران أو روسيا إلى اضطرابات في مضيق هرمز، مما يرفع الأسعار مؤقتًا.
بالنسبة لمصر، فإن استمرار الاستثمارات في الطاقة المتجددة قد يخفف الضغط على مواردها الغازية، لكن الأزمة المالية ستظل عائقًا أمام حلول مستدامة.
أما سوريا، فإن استمرار العقوبات قد يدفعها نحو الاعتماد على شبكات التهريب أو دعم خليجي محدود، مما يعرقل جهود إعادة الإعمار.
في الخليج، من المتوقع أن تتسارع استثمارات الشركات الوطنية، مثل أرامكو وقطر للطاقة، في قطاع الغاز المسال الأمريكي، كوسيلة لتعزيز العلاقات مع إدارة ترامب، مع ذلك، فإن توازن السوق سيظل رهينة التجاذبات السياسية والاقتصادية.
 
			 
                                
                             