ماذا حدث؟
في 25 أكتوبر 2025، أعلنت السلطات الإيرانية إفلاس مصرف “آينده”، أحد أكبر المصارف الخاصة في البلاد، ونقل أصوله إلى بنك “ملي” الحكومي، في خطوة نادرة أقرها المصرف المركزي.
أُسس المصرف عام 2012، وكان يدير شبكة تضم نحو 270 فرعاً، بما في ذلك 150 في طهران، لكنه غرق في ديون متراكمة بلغت خسائره 5.2 مليارات دولار، وديونه 2.9 مليار دولار، معظمها قروض متعثرة مُقدَّمة لأطراف مرتبطة به أو مشاريع داخلية مثل مجمع “إيران مول” التجاري.
أكد المسؤولون أن أكثر من 90% من أمواله خُصصت لمشاريع غير مدفوعة، مما أدى إلى تراجع نسبة رأس المال إلى أقل من -350%. أثار الإعلان حالة من الذعر، حيث اصطفف مودعون أمام الفروع بحضور الشرطة، لكن السلطات طمأنت على استعادة المدخرات، وقال مدير بنك “ملي” أبوالفضل نجارزاده إن عملية النقل اكتملت.
هذا يأتي مع تحذيرات من صعوبات في خمسة مصارف أخرى: “سرمايه”، “دي”، “سبه”، “إيران زمين”، و”ملل”.
لماذا هذا مهم؟
يُعد إفلاس “آينده” زلزالاً في القطاع المصرفي الإيراني، الذي يعاني أصلاً من عقوبات دولية مشددة أعادت الأمم المتحدة فرضها في سبتمبر 2025 عبر آلية “سناب باك”، بعد تعثر المحادثات النووية عقب غارات إسرائيلية وأمريكية على منشآت نووية في يونيو.
هذه العقوبات، التي فرضها ترامب أولاً في 2018 بانسحابه من الاتفاق النووي، حدت من الوصول إلى الأسواق العالمية، مما زاد التضخم وأضعف العملة، ودفع البنوك إلى الاعتماد على قروض داخلية فاسدة.
الإفلاس يكشف فساداً هيكلياً، حيث أُنفقت أموال المودعين في مشاريع فاشلة، مما يهدد ثقة ملايين الإيرانيين الذين يحتفظون بمدخراتهم في بنوك خاصة، ويُفاقم أزمة إنسانية تشمل ارتفاع البطالة والفقر.
كما يُبرز هشاشة النظام الاقتصادي، حيث يُجبر المصرف المركزي على دمج الخاص بالحكومي، مما قد يُشعل احتجاجات اجتماعية وسياسية، خاصة مع تهديد خمسة بنوك أخرى بالانهيار، وفق تقارير مثل “هم ميهن” الإصلاحية.
ماذا بعد؟
مع اكتمال نقل الأصول، سيبدأ بنك “ملي” في تسوية المدخرات، لكن الذعر قد ينتقل إلى البنوك المهددة، مما يتطلب تدخلات حكومية أوسع لمنع سلسلة إفلاسات.
يُتوقع أن يُعمق الإفلاس التضخم، الذي بلغ 40% في 2025، ويُقلل الاستثمارات، خاصة مع استمرار العقوبات التي حدت من الإيرادات النفطية.
قد يلجأ النظام إلى إصلاحات مصرفية، مثل زيادة الرقابة أو دمج المزيد من البنوك، لكن ذلك يُعزز سيطرة الدولة على الاقتصاد، مما يُثير انتقادات إصلاحية.
إقليمياً، قد يُشجع الإفلاس على تعزيز العقوبات، خاصة إذا رُبط بتمويل البرنامج النووي، بينما داخلياً، يُحذر الخبراء من احتجاجات مشابهة لـ2019 إذا تأخرت استعادة الأموال.
في النهاية، قد يُصبح هذا الإفلاس دافعاً لمحادثات نووية جديدة، لكن دون تخفيف العقوبات، سيظل الاقتصاد الإيراني عرضة لمزيد من الانهيارات.