ماذا حدث؟
منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة الثانية في يناير 2025، أحدث تغييرات جذرية في السياسة الأمريكية والدولية، مما أعاد تشكيل الترتيب العالمي.
أصدر عشرات الأوامر التنفيذية في الأيام الأولى، مستوحاة جزئياً من مشروع 2025، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية بنسبة 10% على جميع الدول اعتباراً من أبريل 2025، و25% على المكسيك وكندا و10% إضافية على الصين، لمواجهة العجز التجاري والتلاعب بالعملات.
في السياسة الخارجية، أنهى الدعم العسكري الكامل لأوكرانيا، مما أدى إلى تنازلات في مفاوضات السلام مع روسيا، ودعم إسرائيل بشكل مطلق في حربها مع إيران في يونيو 2025، وساهم في وقف إطلاق نار.
كما أعلن حالة طوارئ وطنية لتعزيز الاقتصاد، وأعاد تعيين مسؤولين موالين، وأوقف مساعدات أجنبية للعديد من الدول، وطالب الناتو بزيادة الإنفاق العسكري مقابل تخفيف العقوبات على روسيا.
هذه الإجراءات أثارت صدمة في الأسواق العالمية، مع ارتفاع التضخم الأمريكي وتراجع النمو في أوروبا، وأدت إلى إعادة تقييم التحالفات التقليدية.
لماذا هذا مهم؟
غيرت سياسات ترامب العالم جذرياً بتحويل الولايات المتحدة من قائدة للنظام الدولي الليبرالي إلى قوة انعزالية تتاجر بالتحالفات، مما أضعف الناتو وأثار مخاوف أوروبية من تهديد روسي متزايد، خاصة بعد تجاهل انتهاكات الطائرات بدون طيار الروسية لأجواء دول الناتو مثل بولندا ورومانيا.
اقتصادياً، أدت التعريفات إلى حرب تجارية عالمية، مع ارتفاع التكاليف للمستهلكين الأمريكيين وتراجع الصادرات الأوروبية بنسبة 1.6% في الربع الثاني من 2025، مما يهدد بركود إقليمي ويُعيد تشكيل سلاسل التوريد العالمية نحو آسيا.
سياسياً، ألهمت نهجه الشعبوي صعود اليمين المتطرف في أوروبا، وأضعفت الجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي بإيقاف الدعم الأمريكي للاتفاقيات الدولية، بينما عززت علاقاته مع روسيا وإسرائيل أدت إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط وأوكرانيا.
هذا التحول يُعرض الاستقرار العالمي للخطر، حيث أصبحت السياسة الأمريكية معاملة مالية بحتة، مما يقوض الثقة في الديمقراطية والقانون الدولي، ويُعزز نفوذ الصين كبديل اقتصادي.
ماذا بعد؟
مع استمرار الولاية الثانية، يُتوقع أن تؤدي تعريفات ترامب إلى ركود عالمي محتمل في 2026، مع انخفاض النمو الأمريكي إلى 2-2.5% بسبب التضخم المرتفع، وردود أوروبية بتعريفات مضادة قد تُعمق الانقسامات داخل الناتو.
في أوكرانيا، قد يفرض ترامب صفقة سلام تُمنح روسيا مكاسب إقليمية، مما يُشجع بوتين على تصعيد في شرق أوروبا، بينما يدفع الأوروبيون نحو استقلال دفاعي أكبر، مثل مشاركة نووية فرنسية-ألمانية.
اقتصادياً، قد يُعيد ترامب هيكلة الاتفاقيات التجارية، مما يُعزز الاستثمارات الأمريكية لكن يُضعف الاقتصادات الناشئة، ويُسرع التحول نحو كتل اقتصادية منفصلة بقيادة الصين.
في النهاية، قد يؤدي نهج ترامب إلى عالم متعدد الأقطاب أكثر فوضى، مع تراجع النفوذ الأمريكي طويل الأمد إذا فشلت في تحقيق الوعود الاقتصادية، مما يستدعي جهوداً دولية لإعادة بناء الثقة والتعاون لتجنب التصعيد.