ماذا حدث؟
تشهد دول مجلس التعاون الخليجي تحولاً مالياً غير مسبوق مع إدخال ضرائب جديدة لتنويع الإيرادات وتقليل الاعتماد على النفط.
سلطنة عُمان اتخذت خطوة رائدة بإعلان فرض ضريبة دخل على الأفراد بنسبة 5% على الدخول التي تتجاوز 42,000 ريال عُماني (109,000 دولار) اعتباراً من 2028، لتصبح أول دولة خليجية تتبنى هذا النوع من الضرائب.
الإمارات فرضت ضريبة اتحادية على الشركات بنسبة 9% منذ يونيو 2023، بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% في 2018.
السعودية رفعت ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% في 2020، بينما تفرض ضريبة دخل على الشركات بنسبة 20%.
البحرين وعُمان طبقتا ضريبة القيمة المضافة في 2019 و2021 على التوالي، بينما قطر والكويت لم تفرضا هذه الضريبة بعد، رغم توقيع اتفاقية خليجية موحدة في 2016.
هذه الإصلاحات تأتي استجابة لتقلبات أسعار النفط، التي أثرت على الميزانيات منذ 2014، وزادتها جائحة كورونا تعقيداً.
لماذا هذا مهم؟
تُعد هذه الضرائب جزءاً من استراتيجية أوسع لتحقيق الاستدامة المالية وتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية، التي شكلت في عُمان مثلاً 75% من الإيرادات الحكومية حتى 2024.
الضرائب تعزز الإيرادات غير النفطية، حيث تتوقع عُمان جمع 88 مليون ريال عُماني سنوياً من ضريبة الدخل، مما يساعد في تقليص الدين العام الذي انخفض من 70% إلى 35% من الناتج المحلي بفضل إصلاحات “برنامج التوازن المالي”.
لكن هذه الخطوات قد تهدد الميزة التنافسية للمنطقة، فالضرائب المباشرة، كضريبة الدخل في عُمان، قد تدفع الكفاءات الأجنبية ورؤوس الأموال إلى دول خليجية أخرى خالية من هذه الضرائب، مثل قطر.
كما أن زيادة الأعباء الضريبية قد تثقل كاهل الشركات، خاصة في مرحلة التعافي من تداعيات كورونا، مما قد يؤثر على النمو الاقتصادي.
ومع ذلك، فتعزز الضرائب الشفافية المالية وتتيح بناء قواعد بيانات دقيقة للدخل، مما يدعم الحوكمة الاقتصادية.
ماذا بعد؟
ستواجه دول الخليج تحدياً في تحقيق توازن بين زيادة الإيرادات والحفاظ على جاذبيتها الاقتصادية.
عُمان قد تواجه تراجعاً في جاذبيتها الاستثمارية إذا أصبحت الدولة الأعلى ضرائب مباشرة في الخليج، بينما السعودية والإمارات قد تستفيدان من ضرائبهما المعتدلة نسبياً.
قطر والكويت، بتأخيرهما تطبيق ضريبة القيمة المضافة، قد تجذبان المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
لتجنب فقدان الثقة المجتمعية، يجب أن ترتبط الضرائب بتحسينات ملموسة في الخدمات العامة، كما في النموذج الإسكندنافي، حيث تُستخدم إيرادات الضرائب لتمويل الصحة والتعليم.
إصلاحات هيكلية، مثل تحسين بيئة الاستثمار وتفعيل الأصول السيادية، ستكون ضرورية لتعزيز النمو دون الاعتماد الكلي على الضرائب.
التجربة السويدية توفر نموذجاً ملهماً، حيث جمع التقشف المدروس مع العدالة الضريبية والكفاءة المؤسسية، لكن إذا فشلت دول الخليج في تحقيق هذا التوازن، فقد تواجه رفضاً مجتمعياً وتراجعاً في جاذبيتها الاقتصادية.