جفاف نهر الغانج.. كيف ستتأثر دول جنوب آسيا؟

جفاف نهر الغانج

ماذا حدث؟

شهد نهر الغانج، الذي يمتد 2525 كيلومتراً من جبال الهيمالايا إلى خليج بنگال، جفافاً غير مسبوق في التاريخ المسجل، حيث انخفض تدفقه بنسبة 76% أكثر شدة من أسوأ جفاف في القرن السادس عشر، وفق دراسة نشرتها مجلة “Proceedings of the National Academy of Sciences” في سبتمبر 2025، أجرتها باحثون من IIT Gandhinagar وجامعة أريزونا.

اعتمدت الدراسة على بيانات حلقات الأشجار من “Monsoon Asia Drought Atlas” لإعادة بناء تدفق النهر على مدى 1300 عام (700-2012 م)، وأكدت أن الجفاف الحالي (1991-2020) خارج نطاق التقلبات الطبيعية، ناتجاً عن ذوبان الجليديات (Gangotri تراجعت كيلومتراً في عشرين عاماً)، وتغيّر الرياح الموسمية، وأكثر من ألف سدّ وخزان يُعيق التدفق.

في الصيف 2025، جفّت أجزاء من النهر، مُعَطِّلَةً الملاحة في واراناسي وألاه آباد، وتسبّبت في ارتفاع الملوحة في بنغلاديش، مما أضرّ بغابات المنغروف في السونداربانس، وفق تقرير “Phys.org”.

لماذا هذا مهم؟

يُعد جفاف الغانج كارثة وجودية لجنوب آسيا، حيث يُغذّي 650 مليون نسمة (ربع سكان الهند)، ويُوفر 25% من المياه العذبة، ويُدعم 40% من الزراعة في الهند وبنغلاديش، مما يُهدّد الأمن الغذائي لملايين.

أهميته تكمن في أنه يُفاقم الفقر والنزوح، حيث يُعاني 300 مليون شخص من نقص المياه، ويُؤدي إلى خسائر زراعية تصل إلى 10 مليارات دولار سنوياً في الهند، مع ارتفاع الملوحة في بنغلاديش يُدمّر السمك (مصدر رزق 20 مليون) ويُزيد النزوح بنسبة 15%.

كما يُهدّد التنوع البيولوجي في السونداربانس (أكبر غابة منغروف)، ويُعيق الطقوس الهندوسية لـ400 مليون، مما يُثير توترات اجتماعية.

هذا الجفاف، الذي يُعجّلُ به الإنسان (سدود مثل فاراكا تُقلّل التدفق بنسبة 30%)، يُحذّر من أزمة إقليمية، حيث يُتوقّع انخفاض التدفق بنسبة 40% بحلول 2050، مُؤثِّرًا على نيبال وبنغلاديش أيضاً.

ماذا بعد؟

مع استمرار الجفاف، يُتوقّع أن يُؤدي إلى نقص غذائي يُؤثّر على 100 مليون شخص بحلول 2030، مُدْفَعًاْ نزوحاً جماعياً في بنغلاديش، مع حملات إعادة إعمار بـ5 مليارات دولار من الهند والأمم المتحدة في 2026.

قد تُؤدي التعاون عابر الحدود بين الهند وبنغلاديش ونيبال إلى اتفاقيات مياه جديدة، لكن الفشل سيُعمق النزاعات.

على المدى الطويل، إذا نُفِّذَتْ إصلاحات (تقليل السدود، إعادة شحن المياه الجوفية)، قد يُحافظ على التدفق بنسبة 20%، لكن الإهمال سيُؤدي إلى مجاعات.

في النهاية، يعتمد المستقبل على التعاون الإقليمي؛ فاتفاقيات سريعة قد تُنقذ النهر، وإلا سيُصبحَ رمزاً للكارثة المناخية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *