ماذا حدث؟
منذ اندلاع الحرب قبل ثلاث سنوات، بات الاقتصاد الروسي في قلب العاصفة، إذ يواجه موجات من العقوبات الغربية، ويعيد رسم خريطة علاقاته التجارية، محاولًا الصمود أمام الضغوط الدولية. ورغم المصاعب، أظهر الاقتصاد الروسي قدرة ملحوظة على التكيف، مستفيدًا من تحالفات جديدة وقنوات تجارية بديلة، إلا أن التحديات لا تزال تلقي بظلالها على المشهد الاقتصادي.
لماذا هذا مهم؟
في بداية الصراع، تعرض الناتج المحلي الإجمالي الروسي لضربة قوية، لكنه تعافى لاحقًا ليسجل نموًا بنسبة 3.6% في العامين الأخيرين، وفقًا لصندوق النقد الدولي. وجاء هذا النمو مدفوعًا بارتفاع الإنفاق العسكري، الذي عزز الطلب المحلي وخلق فرص عمل، ولو بصورة مؤقتة.وفي المقابل، واجه الاقتصاد الروسي تحديات هيكلية، أبرزها تراجع قيمة الروبل، وارتفاع معدلات التضخم، وأزمة نقص العمالة، حيث تقلصت الفئة العمرية القادرة على العمل بمعدل مليون شخص سنويًا، ما تسبب في اختلالات بسوق العمل.
تحولات في العلاقات التجارية
قبل الحرب، استحوذت أوروبا على 50% من الصادرات الروسية، خاصة النفط والغاز، لكنها تراجعت إلى 15% في 2023، بينما صعدت الصين والهند إلى 50%. ولتعويض ذلك، لجأت موسكو لـ”أسطول الظل”، حيث يتم تهريب 70% من صادرات النفط البحري، معظمها إلى الصين والهند وتركيا.
الاعتماد المتزايد على الصين
ومع تصاعد الضغوط الغربية، أصبحت الصين المورد الأساسي لروسيا، حيث زادت صادراتها إلى موسكو من المكونات الإلكترونية والسلع المصنعة، في ظل محاولات روسية لاستبدال المنتجات الغربية المحظورة. ومع ذلك، يُحذر خبراء اقتصاديون من أن هذا الاعتماد المفرط على بكين قد يضع روسيا في موقف تفاوضي ضعيف مستقبلاً.
الإنفاق العسكري يعزز النمو.. لكن إلى متى؟
شكل قطاع الدفاع المحرك الرئيسي للنمو، حيث ساهم الإنفاق العسكري “10% من الناتج المحلي 2022-2024′ في خلق مليوني وظيفة، وخفض البطالة إلى 2.3%. لكن ارتفاع الأجور 19% زاد التضخم، مما دفع البنك المركزي لرفع الفائدة دون نجاح كبير في كبحه.
ماذا بعد؟
مع استمرار العقوبات وتراجع الاحتياطيات، تواجه روسيا ضغوطًا متزايدة، خاصة مع تشديد القيود على صادرات الطاقة. كما أن تقلص المخزون العسكري السوفيتي يهدد الإنتاج الدفاعي بحلول 2025. ورغم محاولات موسكو تفادي تداعيات العقوبات، يرى محللون أن استمرار الحرب قد يدفع الاقتصاد للركود التضخمي، فيما يبقى مستقبله مرتبطًا بأسعار الطاقة العالمية.