ماذا حدث؟
تعرضت مؤسسة “القرض الحسن”، الذراع المالي الرئيسي لحزب الله، لضغوط شديدة في الآونة الأخيرة، ناتجة عن حملة أمريكية تهدف إلى تجفيف مصادر تمويل الحزب كجزء من استراتيجية “القوة الناعمة” لإضعافه.
أصدر مصرف لبنان تعميمًا في نوفمبر 2025 يلزم المؤسسات المالية غير المصرفية، بما فيها “القرض الحسن”، بجمع بيانات عملائها للعمليات النقدية التي تتجاوز ألف دولار، مما يعرضها لعقوبات دولية.
في السياق نفسه، كشفت مصادر لبنانية عن خطة حزب الله لإنشاء مؤسسة بديلة تُدعى “جود”، تركز على شراء وبيع الذهب بالتقسيط، لتحويل المعاملات من قروض مباشرة إلى عقود تجارية رسمية.
أكد متعاملون مع المؤسسة استمرار الآليات الحالية، حيث يُطلب رهن الذهب مقابل “قروض”، مع توقع تغيير الاسم علنًا مطلع 2026.
شكلت لجنة خاصة تضم مسؤولين وخبراء قانونيين لدراسة الوضع مع وزارة الداخلية، التي نفت تلقي طلب ترخيص باسم “جود” حتى الآن.
لماذا هذا مهم؟
تمثل “القرض الحسن” عمودًا أساسيًا في الاقتصاد الاجتماعي لحزب الله، حيث يتعامل مع نحو 300 ألف شخص ويدار نشاطًا ماليًا يصل إلى ثلاثة مليارات دولار، بالإضافة إلى أطنان من الذهب المرهون.
تطورت المؤسسة منذ أزمة 2019 لتصبح “رئة تنفس” للمودعين في ظل الانهيار المصرفي اللبناني، مما يجعلها غير مرتبطة فقط بالحزب بل ببيئة اجتماعية واسعة.
الضغوط الحالية تكشف عن صراع أوسع بين السيادة اللبنانية والتدخلات الخارجية، حيث يرى حزب الله فيها محاولة لخنق الشريان الاقتصادي للتنظيم
دافع نعيم قاسم، الأمين العام، عنها كمؤسسة تكافلية تخدم “كل اللبنانيين”، محذرًا من أن إغلاقها يضر بالشعب.
هذا التحول إلى “جود” يبرز مرونة الحزب في الالتفاف على العقوبات، لكنه يثير مخاوف من تعزيز الاقتصاد الموازي غير المنظم، مما قد يعمق التوترات الداخلية والدولية حول تمويل الجماعات المصنفة إرهابية.
ماذا بعد؟
من المتوقع أن يستمر التحول تدريجيًا، مع إنهاء أنشطة “القرض الحسن” أو تهميشها قانونيًا، بينما تتوسع “جود” تحت مظلة تجارية مرخصة لتجنب الثغرات.
أبلغ الحزب الجهات الرسمية باستحالة الإغلاق الكلي، مشددًا على الاعتماد الشعبي عليها، وقد يؤدي ذلك إلى نقاشات مع مصرف لبنان لتبديد الملاحظات.
في الوقت نفسه، يواجه الحزب تحديات من الضغوط الأمريكية المتصاعدة، التي قد تؤدي إلى عقوبات إضافية إذا ثبت الارتباط.
يأمل المتعاملون في الحفاظ على الخدمات دون انقطاع، بينما يدعو قاسم الحكومة إلى وقف التضييق، معتبرًا إياه اعتداءً على التكافل الاجتماعي.
على المدى الطويل، قد يدفع هذا إلى إعادة هيكلة التمويل غير الرسمي في لبنان، مع مخاطر زيادة الاعتماد على الذهب كأداة اقتصادية، وسط أزمة مالية مستمرة.