ماذا حدث؟
أصدر مصرف لبنان المركزي التعميم رقم 170، الذي يحظر على المؤسسات المالية المرخصة، بما فيها المصارف وشركات الوساطة وهيئات الاستثمار الجماعي، التعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع جمعية “القرض الحسن” وكيانات مالية أخرى غير مرخصة تابعة لحزب الله، مثل “شركة التسهيلات”، و”اليسر للتمويل والاستثمار”، و”بيت المال للمسلمين”.
هذه الجمعيات مدرجة على لوائح العقوبات الدولية، خاصة من الولايات المتحدة، التي فرضت عقوبات على “القرض الحسن” منذ 2007، وجددتها في 3 يوليو 2025، متهمة إياها بتسهيل غسل الأموال وتمويل أنشطة حزب الله.
القرار جاء بعد ضغوط دولية متزايدة، بما في ذلك إدراج لبنان على “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (FATF) وتصنيف المفوضية الأوروبية له كدولة عالية المخاطر في مكافحة غسل الأموال.
خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل (2023-2024)، استهدفت غارات إسرائيلية فروع “القرض الحسن”، مما أثار جدلاً حول دورها كذراع مالي لحزب الله.
لماذا هذا مهم؟
تعميم مصرف لبنان يمثل خطوة لمواجهة “اقتصاد الظل” الذي يديره حزب الله خارج النظام المصرفي الرسمي، حيث تعمل “القرض الحسن”، التي تأسست عام 1982، كجمعية خيرية تقدم قروضًا بدون فوائد، لكنها تُستخدم، بحسب الولايات المتحدة وإسرائيل، كغطاء لغسل الأموال وتمويل أنشطة الحزب.
هذه الخطوة تأتي وسط أزمة اقتصادية حادة في لبنان منذ 2019، حيث باتت الجمعية شبكة أمان اجتماعي للطائفة الشيعية، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في المشهد الاقتصادي الشعبي.
الحظر يهدف إلى حماية القطاع المالي اللبناني من عقوبات دولية إضافية، لكنه يثير تساؤلات حول فعاليته، إذ تستمر هذه الكيانات بالعمل بحرية نسبية بسبب ترخيصها من وزارة الداخلية دون رقابة مصرف لبنان.
خبراء رأوا أن السماح لهذه المؤسسات بالعمل دون رقابة يعرقل جهود لبنان للخروج من “القائمة الرمادية” ويحد من جذب الاستثمارات.
القرار بمحاصرة هذه الكيانات ينسجم مع الضغوط الدولية لتجفيف مصادر تمويل حزب الله، مما قد يضعف قدراته المالية وعلاقته بجمهوره
ماذا بعد؟
التعميم قد يحد من قدرة “القرض الحسن” على النفاذ إلى النظام المالي العالمي، لكنه لن يوقف عملياتها تمامًا بسبب اعتمادها على شبكات موازية.
التحديات تشمل ضعف الرقابة الحكومية، حيث تستمر وزارة الداخلية بمنح تراخيص دون تدقيق كافٍ، مما يتطلب إصلاحات قانونية صارمة.
على الجانب الآخر، قد يؤدي الحظر إلى تململ داخل بيئة حزب الله بسبب تقليص الدعم المالي لعناصره، خاصة مع غياب المواجهة العسكرية بعد اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024.
دون إغلاق هذه الكيانات أو فرض رقابة صارمة، ستبقى الإجراءات ناقصة، مما يهدد باستمرار اقتصاد الظل وتعميق الأزمة الاقتصادية في لبنان.