ماذا حدث؟
تواجه الصين خطر الانزلاق إلى دوامة انكماش اقتصادي أعمق، مدفوعة بتداعيات الرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب في 2025، والتي وصلت إلى 145% على البضائع الصينية، فيما ردت بكين برفع الرسوم على الواردات الأمريكية إلى 125%.
هذه الرسوم القاسية أوقفت فعليًا التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم، مما دفع الصين إلى إعادة توجيه الصادرات المعدة للولايات المتحدة إلى السوق المحلية.
شركات مثل JD.com وTencent وDouyin تدعم هذا التحول من خلال منصات التجارة الإلكترونية، حيث قدمت JD.com خصومات تصل إلى 55% على السلع المعاد توجيهها، لكن هذا التوجه أدى إلى حرب أسعار شرسة بين الشركات الصينية، مما يفاقم ضغوط الانكماش.
توقعت Goldman Sachs أن يصل التضخم الاستهلاكي في الصين إلى 0% في 2025 (انخفاضًا من 0.2% في 2024)، وأن تنخفض أسعار المنتجين بنسبة 1.6%، مع استمرار انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين لشهرين متتاليين في فبراير ومارس 2025، وتسجيل مؤشر أسعار المنتجين انخفاضًا لـ29 شهرًا متتاليًا بنسبة 2.5% في مارس.
كما توقع المحللون ارتفاع معدل البطالة الحضرية إلى 5.7%، متجاوزًا الهدف الرسمي 5.5%، مع تهديد 16 مليون وظيفة مرتبطة بالصادرات إلى الولايات المتحدة.
لماذا هذا مهم؟
تُعد أزمة الانكماش في الصين تهديدًا خطيرًا لاقتصادها، ثاني أكبر اقتصاد عالمي، والذي يعاني بالفعل من تباطؤ الاستهلاك، أزمة العقارات، وفائض الطاقة الإنتاجية.
الرسوم الجمركية الأمريكية، التي شكلت الصادرات إلى الولايات المتحدة 15% من إجمالي صادرات الصين و3-4% من ناتجها المحلي الإجمالي في 2024، قلّصت الطلب الخارجي بشكل حاد، مما أجبر الشركات على خفض الأسعار محليًا لتصريف المخزونات، مما يفاقم الانكماش ويضغط على الأرباح والوظائف.
توقعت Goldman Sachs نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4% فقط في 2025، دون الهدف الرسمي 5%، بينما خفضت UBS توقعاتها إلى 3.4%.
إلغاء إعفاءات “de minimis” الأمريكية زاد الضغط على شركات التجارة الإلكترونية مثل Shein وTemu، مما يهدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بالإفلاس.
على الرغم من ذلك، يرى البعض، مثل مسؤول اقتصادي صيني، أن الحرب التجارية قد تكون حافزًا طويل الأمد لتعزيز الابتكار التكنولوجي والاكتفاء الذاتي.
ومع ذلك، فإن التحديات قصيرة الأمد، بما في ذلك ارتفاع البطالة وتآكل الثقة الاستهلاكية، تهدد الرئيس شي جين بينغ في تحويل الصين إلى قوة تصنيع متقدمة.
ماذا بعد؟
تواجه الصين خيارات صعبة لمواجهة الانكماش والحرب التجارية، فعلى المدى القصير، يُتوقع أن تستمر بكين في سياسات تحفيز محدودة، مثل خفض أسعار الفائدة وتخفيف قيود شراء المساكن، لكن العديد من الاقتصاديين، مثل تينغ لو من Nomura، يرون أنها ستنتظر علامات تدهور واضحة قبل إطلاق تحفيز مالي قوي.
دبلوماسيًا، تسعى الصين، بقيادة شي جين بينغ، إلى توحيد الدول ضد الرسوم الأمريكية، كما يتضح من جولاته في جنوب شرق آسيا.
ومع ذلك، فإن استمرار الحرب التجارية قد يدفع الصين إلى إعادة توجيه الصادرات إلى أسواق بديلة مثل أوروبا وآسيا، رغم تحديات إعادة هيكلة سلاسل التوريد.
على المدى الطويل، قد تعزز الأزمة جهود الصين نحو الاكتفاء الذاتي، لكن ذلك يتطلب استثمارات ضخمة في التكنولوجيا والاستهلاك المحلي.
إذا لم تتوصل الولايات المتحدة والصين إلى تسوية، كما اقترحت JPMorgan، فقد تتفاقم الأزمة، مما يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي وركود محتمل في الولايات المتحدة.