ماذا حدث؟
في 2025، فرض ترامب تعريفات جمركية جديدة على الواردات الصينية، وصلت إلى 145% (مُعلقة مؤقتًا)، بهدف إعادة التصنيع إلى أمريكا، كما أُغلق ثغرة “دي مينيميس” التي سمحت بدخول الواردات دون 800 دولار بدون رسوم.
صناعة الأزياء السريعة، التي تعتمد على الإنتاج السريع والرخيص، لم تتحول إلى أمريكا بسبب تعقيدات إعادة التوطين، فبدلاً من ذلك، نقلت شركات مثل “شي إن” و”تيمو” إنتاجها إلى دول مثل فيتنام، وكمبوديا، والفلبين، حيث التعريفات أقل (17% في الفلبين) وتكاليف العمالة زهيدة.
هذا التغيير أدى إلى إغراق أسواق أخرى، خاصة أستراليا، بالملابس الرخيصة، حيث يُسمح بدخول الواردات منخفضة القيمة دون ضرائب، مما عزز انتشار “شي إن” و”تيمو” بين المستهلكين الأستراليين الذين يعانون من أزمة تكاليف المعيشة.
لماذا هذا مهم؟
تُبرز هذه التطورات تأثيرات غير مقصودة للحرب التجارية كما يلي:
أولاً، بدلاً من حماية العمال الأمريكيين، أدت التعريفات إلى تفاقم استغلال العمال في دول ذات أجور أقل، حيث يعملون 12-14 ساعة يوميًا في ظروف سيئة.
ثانيًا، أدى تحويل الإنتاج إلى إغراق أسواق مثل أستراليا بالملابس الرخيصة، مما زاد الضرر البيئي، حيث ترسل أستراليا 200 ألف طن من الملابس إلى المكبات سنويًا.
ثالثًا، يُعزز النموذج الاقتصادي للأزياء السريعة، القائم على التكاليف المنخفضة، استهلاكًا غير مستدام، خاصة في أستراليا التي تُنتج 3% فقط من ملابسها محليًا.
رابعًا، كشفت التعريفات عن هشاشة سلسلة التوريد العالمية، حيث تكبدت الشركات الأمريكية خسائر بـ34 مليار دولار.
أخيرًا، يُعيق تراجع ترامب عن التزامات المناخ معالجة الأضرار البيئية للأزياء السريعة، مما يُفاقم التحديات العالمية.
ماذا بعد؟
في المدى القريب، ستستمر “شي إن” و”تيمو” في استهداف أسواق مثل أستراليا، مستغلة قواعد الاستيراد المتساهلة وقوة الشراء العالية، وقد تُضغط الحكومة الأسترالية لتشديد الرقابة على الواردات أو فرض ضرائب على السلع منخفضة القيمة.
على المدى الطويل، يتطلب الحد من الأضرار إصلاحات هيكلية، مثل فرض لوائح على سلاسل التوريد وتعزيز الشفافية في ظروف العمل.
مبادرات مثل برنامج “Seamless” الأسترالي، الذي يُحمل العلامات مسؤولية دورة حياة الملابس، قد تُشجع على إعادة التدوير، كما تكتسب بدائل مثل تأجير الملابس والمتاجر الخيرية زخمًا، لكن نجاحها يعتمد على تغيير عادات المستهلكين.
إذا استمر الطلب على الملابس بأسعار أقل من فنجان قهوة، فسيظل النموذج الاستغلالي للأزياء السريعة قائمًا، مع استمرار تحمل العمال والبيئة للأعباء.