إلى أين تتجه أسعار النفط في العقد المقبل؟

كتب- محمد النجار:

تتجه أسعار النفط إلى موجة ازدهار جديدة تبدأ من منتصف العقد المقبل، وفقًا لتوقعات مجموعة “رابيدان إنرجي” الاستشارية، التي أسسها بوب مكنايلي، المسؤول السابق في البيت الأبيض.

هذه التوقعات تأتي في ظل استمرار نمو الطلب العالمي، خاصة في الصين ودول أخرى، ما يسلط الضوء على مستقبل مزيج من التحديات والفرص في سوق الطاقة العالمي.

الطلب العالمي ومستقبل النفط

تشير “رابيدان إنرجي” في تقريرها إلى أن التوقعات ببلوغ الطلب العالمي على النفط ذروته بحلول عام 2030 بدأت تتلاشى، في حين أن الواقع يكشف عن نقص هيكلي في جانب العرض.

وأضاف التقرير: “بحلول عام 2035، ستتضاءل القدرة الاحتياطية، وسيدخل السوق في دورة ازدهار جديدة لأسعار النفط”.

وفي سيناريوهات متعددة تتعلق بمستويات انتشار السيارات الكهربائية، توقعت المجموعة أن يواصل استهلاك النفط العالمي نموه حتى عام 2050.

وبينما تمثل الصين المحرك الأساسي لمبيعات السيارات الكهربائية، فإن الطلب على الوقود التقليدي للسيارات لا يظهر أي علامات على التراجع هناك، مما يشير إلى استمرار استهلاك البنزين عالميًا حتى عام 2035 على الأقل.

نقص الاستثمار ومستقبل الأسعار

يحذر التقرير من أن نقص الاستثمارات في مشاريع جديدة لإنتاج النفط قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، ليصل إلى 150 دولارًا للبرميل.

هذا السيناريو يعكس التحديات التي يواجهها قطاع النفط في تحقيق التوازن بين الطلب المتزايد والاستثمارات المطلوبة لمواكبة الاحتياجات المستقبلية.

وفي الوقت ذاته، يختلف هذا الرأي عن توقعات جهات أخرى مثل مجموعة “فيتول” و”جولدمان ساكس” ووكالة الطاقة الدولية، التي تشير إلى أن الطلب على النفط قد يتوقف عن النمو خلال هذا العقد بسبب التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة.

الفترة القريبة: الركود المؤقت

على الرغم من التفاؤل بمرحلة ازدهار مستقبلية، إلا أن التقرير يوضح أن السوق قد يشهد فترة قصيرة من الركود في السنوات القليلة المقبلة.

يُتوقع أن تنخفض أسعار النفط إلى 55 دولارًا للبرميل على مدى سنتين إلى ثلاث سنوات بسبب فائض العرض الناتج عن الإنتاج القوي من دول خارج تحالف “أوبك+”، مثل الولايات المتحدة والبرازيل وغيانا.

هذا الوضع قد يضع منظمة “أوبك+”، بقيادة السعودية وروسيا، في موقف صعب، حيث قد تضطر للتضحية بحصتها في السوق أو السماح بانخفاض الأسعار لإجبار منافسيها على تقليل إنتاجهم.

الأبعاد الاقتصادية والسياسية

إن التوقعات بموجة ازدهار جديدة لأسعار النفط ترتبط بعوامل اقتصادية وجيوسياسية معقدة، فمن جهة، يُعد استمرار النمو في الطلب العالمي إشارة إلى الحاجة لاستثمارات ضخمة في البنية التحتية للطاقة التقليدية.

ومن جهة أخرى، تعكس التحديات التي تواجه “أوبك+” وحلفاءها تعقيدات الموازنة بين حماية الأسواق وإدارة الحصص الإنتاجية.

الصين في مركز المشهد

تبرز الصين كعامل رئيسي في مستقبل الطلب على النفط، حيث تُظهر البيانات أن الاستهلاك لا يزال قويًا في ثاني أكبر اقتصاد عالمي، رغم التحولات نحو السيارات الكهربائية.

استمرار هذا الاتجاه يعني أن الدول المنتجة للنفط بحاجة إلى استراتيجيات طويلة الأجل للحفاظ على استقرار العرض في مواجهة الطلب المتزايد.

تسلط التوقعات الضوء على سوق النفط العالمي كميدان متغير باستمرار، تتداخل فيه العوامل الاقتصادية، التكنولوجية، والسياسية.

ومع دخولنا في مرحلة جديدة من التحولات في قطاع الطاقة، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الدول المنتجة للنفط من تحقيق التوازن المطلوب بين تلبية الطلب العالمي وضمان استقرار السوق؟

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *