ماذا حدث؟
كشفت السلطات الكويتية عن واحدة من أخطر قضايا التزوير التي شهدتها البلاد، بعدما تبيّن أن رجلاً سورياً حصل على الجنسية الكويتية عبر التلاعب، مدعيًا أن سيدة تصغره بثلاثة أشهر ونصف هي والدته.
وبحسب تقرير نشره موقع “الراي” الكويتي، فقد أدت التحقيقات إلى سحب الجنسية من 86 شخصاً مرتبطين بهذا الملف، في قضية وُصفت بأنها من الأكبر والأكثر تعقيداً في تاريخ وزارة الداخلية الكويتية.
بداية الخيوط.. ومشتبه يسبق الزمن
القصة بدأت عام 2017، حين وردت معلومات إلى مباحث الجنسية تفيد بأن أحد الحاصلين على الجنسية الكويتية ليس سوى سوري الأصل، تسلل إلى الهوية الوطنية باستخدام أوراق مزورة.
ومع تصاعد الشكوك، بادر المتهم بالهرب خارج البلاد، ظنًا أن الهروب سيطوي ملفه إلى الأبد.
ضغوط نيابية وإغلاق مؤقت للملف
المتهم، بحسب “الراي”، استعان بشبكة من المعارف ونواب سابقين لممارسة ضغوط سياسية أدت لاحقًا إلى إسقاط أمر القبض عنه، وهو ما شجعه على العودة إلى الكويت معتقدًا أن القضية قد طُويت.
إلا أن ظهور النائب السابق أحمد الفضل في ندوة كشف خلالها بعض تفاصيل القضية، دفع المزور للفرار مجددًا، ورفض الامتثال لاستدعاءات الأجهزة الأمنية.
الحمض النووي يفضح الحيلة
ولم تستسلم الجهات الأمنية، حيث استدعت أبناء المتهم وأجرت لهم تحاليل للبصمة الوراثية، قارنتها بتلك الخاصة بمن سُجّلوا على أنهم أعمامهم في ملفات الجنسية.
وكانت النتيجة صادمة، لا توجد أي صلة قرابة، ما أكد أن الملف بأكمله مبني على بيانات مزورة.
محاولة تضليل.. بشهادة وفاة مزيفة
وفي محاولة بائسة لإنهاء القضية دون مواجهة، قدّم أبناء المزور شهادة وفاة ادعوا فيها أن والدهم تُوفي في سوريا، واستندوا إلى شهادة كويتية مفترضة صادرة عن السلطات السورية.
لكن بالتدقيق، انكشفت ثغرات واضحة في الوثائق، وازدادت الشكوك حول صحة الرواية.
المفارقة الصادمة.. “ابن أمه الأكبر منها”
لكن ما رفع درجة الدهشة إلى ذروتها، هو اكتشاف أن تاريخ ميلاد المدعو يفوق تاريخ ميلاد والدته المزعومة بثلاثة أشهر ونصف، في مشهد عبثي جعل المحققين يصفونه بأنه “ولِد قبل أمه”.
ماذا بعد؟
في ضوء هذه المعطيات، قررت السلطات الكويتية سحب الجنسية من المتهم و86 شخصاً آخرين مسجلين كـ “تابعين” له في ملف الجنسية المزور، وسط تأكيدات بأن مزيداً من الملفات المشبوهة تخضع حالياً للمراجعة والتدقيق.
القضية التي بدأت بشك بسيط تحوّلت إلى زلزال قانوني وسياسي، يسلّط الضوء على شبكات التزوير التي تتسلل إلى الهوية الوطنية وتعبث بالتركيبة السكانية لدولة مثل الكويت.
فهل تفتح هذه القضية الباب لمراجعة شاملة لملفات الجنسية؟.