ماذا حدث؟
في 8 أكتوبر 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد مفاوضات مكثفة في شرم الشيخ بمصر برعاية قطرية وأمريكية، عن اتفاق حماس وإسرائيل على “المرحلة الأولى” من خطة السلام الـ20 نقطة التي كشف عنها في 29 سبتمبر.
وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على الاتفاق في 9 أكتوبر، مما أدى إلى وقف إطلاق النار الفوري، وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية إلى “خط متفق عليه”، وإطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين الحيين (20 رهينة) ورفات المتوفين مقابل إطلاق سراح حوالي 250 سجين فلسطينياً و1700 معتقل، بالإضافة إلى تدفق المساعدات الإنسانية الكاملة إلى غزة.
يجب على حماس إكمال التسليم خلال 72 ساعة دون مظاهر احتفالية أو تغطية إعلامية موسعة، كما حدث في هدنتي نوفمبر 2023 ويناير 2025.
وصف مفاوض حماس خليل الحية الاتفاق بأنه “يضمن وقف الحرب نهائياً”، مع ضمانات أمريكية، لكن الشروط اللاحقة مثل نزع سلاح حماس وحكم غزة تبقى غامضة.
أدى الإعلان إلى احتفالات في تل أبيب وخان يونس، رغم استمرار الغارات الإسرائيلية في بعض المناطق حتى التنفيذ.
لماذا هذا مهم؟
يُعد هذا الاتفاق خطوة إيجابية فورية، إذ يوقف الحملة العسكرية الإسرائيلية التي وُصفت بـ”الإبادة الجماعية” من قبل منظمات أممية، ويخفف المجاعة في غزة بعد دمار دام عامين أودى بحياة عشرات الآلاف، مع إعادة الرهائن للإسرائيليين تحت ضغط داخلي هائل، وتبادل السجناء لفلسطينيين بارزين كانوا خارج نطاق الهدن السابقة.
يعكس الاتفاق ضعف حماس، التي لم تعد ترى الرهائن ميزة استراتيجية بعد خسائرها، مما دفعها للقبول، بينما يمنح إسرائيل غطاءً سياسياً للانسحاب الجزئي دون فقدان السيطرة.
ومع ذلك، يُشبه الاتفاق “عقد خنق”، حيث تفقد حماس نفوذها بعد التسليم، مما يعرضها لمخاطر إسرائيلية مستقبلية، خاصة مع غموض الشروط اللاحقة مثل نزع السلاح (نقاط 1 و13) وحكم غزة (نقاط 9 و13)، والتي تمنح إسرائيل مرونة لاستئناف العمليات إذا ادّعت عدم الالتزام.
كما يبرز دور الولايات المتحدة كضامن، مع إرسال 200 جندي أمريكي، لكن الرفض اليميني المتطرف في إسرائيل (مثل بن غفير) يهدد الاستقرار، مما يجعل الاتفاق خطوة صغيرة نحو السلام دون ضمانات لتحقيق الاستقلال الفلسطيني.
ماذا بعد؟
بعد إكمال المرحلة الأولى المتوقعة في 12-13 أكتوبر، ستبدأ مفاوضات المراحل اللاحقة حول نزع سلاح حماس، إعادة إعمار غزة بمليارات الدولارات، وتشكيل قوة استقرار دولية مؤقتة (نقاط 15-16) تشمل الولايات المتحدة وشركاء عرب، مع انسحاب إسرائيلي كامل مرتبط بـ”معايير وإطارات زمنية” غير محددة.
قد تستخدم إسرائيل الغموض لفرض شروط قاسية، مثل جعل غزة غير صالحة للسكن لدفع السكان للمغادرة (رغم النقطة 12)، أو اتهام حماس بعدم الالتزام لاستئناف القتال، مما يعيد حماس إلى موقف ضعيف مشابه لهدنات الحرب السورية.
تعتمد الاستمرارية على إدارة ترامب في الوفاء بالضمانات، مع زيارة ترامب المتوقعة لإسرائيل، ودور الأمم المتحدة في المساعدات.
إذا نجحت المفاوضات، قد يؤدي إلى سلام نسبي يعيد اللاجئين ويبني اقتصاد غزة، لكن الفشل يهدد بعودة التصعيد، خاصة مع معارضة اليمين الإسرائيلي الذي يهدد بسقوط حكومة نتنياهو.
في النهاية، تواجه حماس معضلة: السلام مقابل فقدان الدور السياسي، مع أمل ضئيل في أن يصبح الاتفاق خطوة نحو دولة فلسطينية دون سيطرة إسرائيلية دائمة.