من يخلف البابا فرنسيس في قيادة الفاتيكان؟

البابا فرنسيس

في صباح أحد الفصح، رحل البابا فرنسيس عن عمر يناهز 88 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا إصلاحيًا جريئًا وكنيسة كاثوليكية تواجه تحديات فكرية وثقافية وجيوسياسية عميقة.

ومع بدء التحضيرات لعقد مجمع الكرادلة في الأسابيع المقبلة داخل كابلة السيستين بالفاتيكان، تتجه أنظار العالم نحو السباق المحتدم لاختيار خليفة يحمل مفاتيح الكنيسة إلى مستقبل لا يزال غامض الملامح.

عودة إيطالية أم فتح إفريقي جديد؟

من أصل 266 بابا جلسوا على كرسي بطرس، جاء 217 منهم من إيطاليا، إلا أن العقود الأخيرة شهدت تغيرًا ملحوظًا، حيث أتى البابوات الثلاثة الأخيرون من خارج أوروبا.

واليوم، يعود السؤال الملح: هل يستعيد الإيطاليون دورهم التاريخي في الفاتيكان؟ أم أننا على موعد مع أول بابا إفريقي في العصر الحديث؟

الاسم الأبرز على الساحة الإيطالية هو الكاردينال بيترو بارولين، وزير خارجية الفاتيكان والرجل الثاني بعد البابا فرنسيس.

على الرغم من دوره الدبلوماسي المحوري في إعادة العلاقات مع الصين وتوقيع اتفاقيات مشتركة، يُنتقد بارولين لافتقاره إلى الكاريزما والخبرة الرعوية المباشرة، ما يضعف حظوظه رغم قربه من دائرة صنع القرار.

منافسه المحتمل الآخر هو الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس اللاتيني، والذييمتاز بخبرة طويلة في الشرق الأوسط، ويتحدث العبرية بطلاقة، وتُحسب له مواقفه المعتدلة وحضوره البارز في قضايا الحوار بين الأديان.

ومع ذلك، يرى البعض أنه لا يزال شابًا نسبيًا لتولي هذا المنصب، ما قد يقلل من فرصه.

هل يحمل الجنوب العالمي مفاتيح الكنيسة؟

الأنظار لا تتجه فقط نحو أوروبا، فالكاردينال الفلبيني لويس تاغلي، صاحب الخلفية الاجتماعية والناشط ضد الفقر والفساد، يُعد من أقوى المرشحين من خارج القارة العجوز، ويُنظر إليه كامتداد طبيعي لنهج فرنسيس الإصلاحي.

في إفريقيا، يبرز الكاردينال الغاني بيتر توركسون، الذي كان مرشحًا بارزًا في مجمع 2013.

وعلى الرغم من بعض التصريحات المثيرة للجدل سابقًا، إلا أن انتخابه سيكون تحولًا تاريخيًا يعكس التحول الديمغرافي والثقافي داخل الكنيسة.

تيارات محافظة… ومحاولات ارتداد

التيار المحافظ داخل الكنيسة، والذي طالما اصطدم بإصلاحات البابا فرنسيس، يتحرك بدوره في الخفاء.

الكاردينال الأمريكي رايموند بورك، المعروف بمواقفه الحادة، يُعد رمزًا لهذا التيار، لكنه لا يُعتبر مرشحًا جادًا.

أما الكاردينال المجري بيتر إردو، فيتمتع بدعم أوساط محافظة ويرى البعض أنه قادر على قيادة تصحيح مسار أكثر تقليدية للفاتيكان.

إلى أين تتجه الكنيسة؟

بوفاة فرنسيس، يغيب الصوت الذي كسر الصمت في قضايا المثلية والاعتداءات الكنسية، وأعاد التوازن الجغرافي داخل مجمع الكرادلة من خلال تعيين شخصيات من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.

وبينما يتقلص نفوذ الكرادلة الأوروبيين التقليديين، تتنامى قوة المجامع الأسقفية في دول الجنوب.

وسط هذا التنوع والاختلاف، يبدو أن الطريق إلى الدخان الأبيض سيكون متعرجًا ومليئًا بالمفاجآت، فالفاتيكان على أعتاب مفترق طرق حاسم، وخليفة فرنسيس سيحدد ما إذا كانت الكنيسة ستواصل السير على درب التحديث والانفتاح، أم ستعود إلى تقاليدها العتيقة في محاولة لاستعادة الوحدة الداخلية وسط عالم مضطرب.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *