من قلب الأناضول.. “بيت الموتى” يبوح بأسرار ما قبل التاريخ

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

في قلب الأناضول، وتحديدًا في المستوطنة الأثرية كاتال هويوك بوسط تركيا، كشف علماء الآثار عن مبنى غامض يضم تحت أرضيته بقايا 20 جثة، في مشهد يفتح الباب أمام أسرار وطقوس تعود إلى العصر الحجري الحديث قبل نحو تسعة آلاف عام.

“بيت الموتى”.. مبنى ليس عاديًا

المبنى الذي عُثر عليه مؤخرًا لم يكن منزلًا عاديًا كما اعتقد الباحثون في البداية، بل بدا وكأنه مكان طقسي خاص، لذلك أطلق عليه العلماء اسم “بيت الموتى” أو “البيت الروحي”.

واللافت أن الرفات الموجودة داخله لم تمت في هذا المكان، بل نُقلت إليه عمدًا لتدفن ضمن مراسم غامضة، ما يرجح أنه كان مخصصًا لطقوس عبادة متعلقة بالموت والحياة الآخرة.

لماذا هذا مهم؟

ويُعتبر هذا الاكتشاف امتدادًا لأهمية كاتال هويوك، التي تُصنّف ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، حيث اشتهرت منذ عقود بأنها من أبرز مراكز العصر الحجري الحديث، فترة الانتقال الكبرى من حياة الصيد إلى الاستقرار والزراعة، ما يجعلها محطة رئيسية لفهم بدايات التنظيم الاجتماعي والروحي لدى الإنسان القديم.

والحفريات التي قادها البروفيسور أركاديوس مارسينياك من جامعة بوزنان البولندية، أظهرت أن سكان كاتال هويوك لم يقتصروا على بناء منازل للسكن، بل شيدوا أيضًا أماكن شعائرية مميزة مرتبطة بالجماعة والذاكرة الجمعية.

ويؤكد الباحثون أن وجود “بيت الموتى” يعكس اعتقادًا راسخًا لدى هؤلاء البشر بوجود عالم آخر بعد الموت، إلى جانب تنظيمهم لمراسم عامة ذات طابع روحي واجتماعي.

هياكل طقسية مجاورة

ولم يتوقف الأمر عند هذا المبنى فقط، إذ أسفرت التنقيبات في القطاع الشرقي عن العثور على هياكل أخرى ذات دلالات طقسية مهمة.

ومن بينها بناء مزين بجدران مطلية ويضم 14 منصة داخلية، ما يعكس مستوى متقدمًا من التنظيم المعماري والرمزي، ومن المقرر أن يخضع لدراسة مفصلة بحلول عام 2026.

كما تم الكشف عن هيكل أصغر حجمًا، يُعتقد أنه من أقدم مباني هذا الجزء من المستوطنة، حيث وُجدت تحته ثلاثة مدافن بشرية إضافية.

ماذا بعد؟

بهذا، يضيف “بيت الموتى” فصلًا جديدًا إلى قصة كاتال هويوك، مؤكدًا أن حضارات ما قبل التاريخ كانت أكثر عمقًا وتعقيدًا مما تخيل الباحثون، وأن علاقة الإنسان بالموت والروح بدأت قبل آلاف السنين، بطقوس ما زالت ألغازها تتكشف يومًا بعد يوم.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *