ماذا حدث؟
استيقظت إسبانيا والبرتغال، يوم الإثنين 28 أبريل 2025، على ظلام دامس بعد انقطاع كهربائي هائل أصاب البنية التحتية الحيوية، وأوقف حركة النقل، وأغرق الملايين في حالة من الارتباك.
هذا الحادث، الذي وُصف بأنه “استثنائي”، لم يترك فقط الشوارع بلا إضاءة، بل كشف عن هشاشة الأنظمة الحديثة أمام الأزمات غير المتوقعة.
في حوالي الساعة 12:30 ظهرًا بتوقيت وسط أوروبا، اجتاح انقطاع كهربائي مفاجئ شبه الجزيرة الأيبيرية، مُعطلًا المطارات، وموقفًا القطارات والمترو، ومُطفئًا إشارات المرور.
في مدريد ولشبونة، توقفت الحياة اليومية، حيث أُغلقت المتاجر، وتوقفت خدمات الدفع الإلكتروني، وانقطعت الاتصالات. شهدت المطارات، مثل مطار مدريد-باراخاس ولشبونة هومبيرتو ديلغادو، إلغاء رحلات وتأخيرات واسعة، بينما تقطّعت السبل بـ35,000 راكب في حوالي 100 قطار عبر إسبانيا.
في فالنسيا، هرعت فرق الطوارئ لإنقاذ المحاصرين في المصاعد، بينما اضطرت المستشفيات للاعتماد على المولدات الاحتياطية.
حتى بطولة مدريد المفتوحة للتنس توقفت، مع انطفاء الشاشات وتوقف المباريات.
وبحلول المساء، استعادت أجزاء من شمال وجنوب إسبانيا ومنطقة بورتو الكبرى الطاقة تدريجيًا، بمساعدة من المغرب وفرنسا، لكن السبب ظل لغزًا.
ونفى رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، أي دليل على هجوم سيبراني، بينما أشارت البرتغال إلى “ظاهرة جوية نادرة” مرتبطة بتقلبات حرارية في إسبانيا كسبب محتمل.
لماذا هذا مهم؟
هذا الانقطاع، الذي وصفته شركة “رد إلكتريكا” الإسبانية بـ”الاستثنائي”، كشف عن مدى اعتماد المجتمعات الحديثة على الكهرباء، فقد أثر الحادث على أكثر من 60 مليون نسمة في البلدين، مع تداعيات امتدت إلى فرنسا المجاورة، بحسب تقرير لنيويورك تايمز.
تعطيل وسائل النقل، من مترو مدريد إلى مطارات لشبونة، أظهر هشاشة البنية التحتية أمام الأعطال غير المفسرة، كما أثار الحادث تساؤلات حول أمن الشبكات الكهربائية الأوروبية، خاصة مع الاعتماد المتزايد على الربط البيني بين الدول.
الخسائر الاقتصادية، من توقف التجارة إلى إغلاق المصانع، تقدر بملايين اليوروهات ساعيًا.
أما اجتماعيًا، فقد أجبر الناس على العودة إلى وسائل بدائية، مثل الدفع النقدي واستخدام الراديوهات التقليدية، مما أعاد إلى الأذهان ذكريات أزمات سابقة، مثل انقطاع الكهرباء في إيطاليا عام 2003.
الحادث أبرز أيضًا أهمية الاستعداد للطوارئ، حيث لجأت السلطات إلى إعلان حالة الطوارئ ونشر 30,000 شرطي في إسبانيا للحفاظ على النظام.
ماذا بعد؟
مع استعادة حوالي 50% من الطاقة في إسبانيا بحلول مساء الإثنين، تتجه الأنظار الآن إلى تحديد سبب الانقطاع.
شركتا “رد إلكتريكا” و”REN” البرتغالية تواصلان التحقيق، وسط مخاوف من أن تكون التقلبات الحرارية أو عطل في خطوط الجهد العالي بين إسبانيا وفرنسا هي السبب.
السلطات تعهدت باستعادة الخدمات بالكامل بحلول الثلاثاء، لكن تأخيرات الرحلات الجوية وتعليق القطارات قد تمتد لأيام.
الحادث يعزز الدعوات لتحديث الشبكات الكهربائية الأوروبية، مع التركيز على تعزيز الأمن السيبراني وزيادة المرونة ضد الظواهر المناخية.
في البرتغال، حذرت السلطات من أن تطبيع الشبكة قد يستغرق أسبوعًا، مما يتطلب خطط طوارئ طويلة الأمد.