ماذا حدث؟
يشهد العنف الطائفي في سوريا تصاعدًا ملحوظًا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، نتيجة غياب العدالة الانتقالية، وسياسات النظام السابق التي استغلت الهوية العلوية، والتوترات المجتمعية الناشئة عن عقود من القمع.
منذ الإطاحة بالأسد، عجزت الحكومة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع- قائد هيئة تحرير الشام- عن إنشاء نظام عدالة شفاف.
في 16 مايو 2025، أُعلن عن تشكيل لجنة العدالة الانتقالية، لكنها تفتقر إلى الشفافية وتركز حصرًا على جرائم النظام السابق، متجاهلة الانتهاكات اللاحقة.
أدى هذا الفراغ إلى تفاقم الانتقام الطائفي، حيث قُتل أكثر من 1600 مدني علوي في 6 مارس 2025 في اللاذقية وطرطوس وحماة خلال هجوم منسق ردًا على تمرد قوات موالية للأسد، لكن الرد الحكومي تحول إلى مجازر طائفية شارك فيها مدنيون سنة انتقامًا لمجازر سابقة مثل البيضاء عام 2013.
كما ظهرت مجموعات مثل “قوة المحاسبة الخاصة” في اعزاز في 21 أبريل، مهددة بقتل متعاونين مع النظام، مما أدى إلى إعدامات في حماة وحلب، بينما استمر العنف ضد العلويين في حمص واللاذقية.
أثارت عملية “التسوية”، التي منحت بطاقات هوية مؤقتة لعناصر النظام السابق، ارتباكًا، حيث يخشى العلويون أن تكون هذه البطاقات “علامة موت” عند نقاط التفتيش.
تُبرر الحكومة تأخر المحاسبة بنقص الموارد، ضعف الأدلة، وغياب محاكم فعالة، لكن منظمات مثل الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت هذه الانتهاكات، بينما أدان الاتحاد الأوروبي ميليشيات متورطة في العنف ضد العلويين.
لماذا هذا مهم؟
يُغذي غياب العدالة الانتقالية دائرة الانتقام، حيث يلجأ الضحايا إلى العنف بسبب إحباطهم من إفلات المجرمين من العقاب.
جعل استغلال النظام السابق للطائفة العلوية هدفًا للانتقام الجماعي، رغم أن العديد من العلويين لم يستفيدوا من النظام.
تهدد التوترات الطائفية استقرار سوريا، حيث يرى العلويون الحكومة متواطئة في المجازر، بينما يشك السنة في قبول العلويين للمحاسبة.
تُفاقم المعلومات المغلوطة عبر وسائل التواصل العنف، حيث تُروج شبكات مجهولة لروايات كاذبة مثل إعادة تدوير فيديوهات داعش لتصويرها كمجازر حديثة.
يُعيق العنف الطائفي جهود إعادة الإعمار ويُطيل أمد الأزمة الإنسانية، حيث نزح 40 ألف علوي في 2025.
ماذا بعد؟
بدون إجراءات فورية، سيتصاعد العنف الطائفي، لذلك يتعين على دمشق إجراء محاكمات سريعة وشفافة للمجرميين، وتنفيذ نتائج لجنة التحقيق في مجازر 6 مارس.
ويجب على واشنطن وشركائها تمويل منظمات دولية لدعم لجنة العدالة الانتقالية، تعزيز الشراكات مع دمشق للضغط من أجل محاسبة مرتكبي المجازر، وتقديم خبرات فنية لإصلاح القضاء والأمن.
سياسيًا، يتطلب الأمر حوارًا شاملًا لتخفيف التوترات الطائفية، فبدون هذه الخطوات، ستزداد الانقسامات الطائفية، مهددة السلام الإقليمي.