لماذا اشتعلت الحرائق في تونس والجزائر؟

لماذا اشتعلت الحرائق في تونس والجزائر؟

ماذا حدث؟

خلال الأيام الأخيرة من يوليو 2025، اجتاحت حرائق غابات واسعة النطاق مناطق متعددة في تونس والجزائر، مدفوعة بموجة حر قياسية وصلت فيها درجات الحرارة إلى 48-49 درجة مئوية في بعض المناطق.

في تونس، أفادت وحدات الحماية المدنية بتسجيل أكثر من 200 حريق خلال 24 ساعة، مع تركيز الجهود على إخماد حرائق في غابات جبل منصور الرابط بين زغوان وسليانة، وجبل سيار في باجة، وجبل الدحارة في سليانة.

هذه الحرائق، التي تغذتها رياح قوية وانخفاض الرطوبة، أتت على مئات الهكتارات من الغطاء النباتي، وأجبرت السلطات على إجلاء مئات السكان من قرية ملولة ومناطق أخرى قريبة من الحدود مع الجزائر.

في الجزائر، اندلعت حرائق في تسع ولايات، بما في ذلك برج بوعريريج، وبجاية، وتيزي وزو، مما استدعى تدخل أكثر من 200 عون دفاع مدني و80 آلية، مدعومين بطائرات عسكرية ومدنية.

لم تسجل خسائر بشرية في تونس حتى الآن، بينما تسببت الحرائق في الجزائر بخسائر مادية كبيرة، مع تقارير عن إجلاء السكان من المناطق المتضررة.

وثقت مقاطع فيديو وصور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي الدمار الهائل، حيث التهمت النيران غابات كثيفة وأشجاراً عالية، تاركة وراءها مناظر من الأراضي المحترقة والدخان الكثيف.

لماذا هذا مهم؟

تكشف هذه الحرائق عن تفاقم أزمة مناخية في منطقة المغرب العربي، حيث تُعد المنطقة واحدة من النقاط الساخنة لتغير المناخ، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة.

موجات الحر الشديدة، التي تفاقمت بسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية، إلى جانب الرياح القوية وانخفاض الرطوبة، خلقت ظروفًا مثالية لانتشار الحرائق بسرعة، مما يهدد الغابات، والأراضي الزراعية، وسبل عيش المجتمعات المحلية التي تعتمد على الزراعة وتربية المواشي.

في تونس، أدت الأزمة المناخية المتفاقمة، بما في ذلك الجفاف المستمر منذ 2017، إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وتدهور القطاع الزراعي، مما زاد من التوترات الاجتماعية والاقتصادية.

في الجزائر، أشارت التقارير إلى أن الحرائق، التي غالبًا ما تكون بشرية المنشأ بنسبة تصل إلى 80%، تعكس تحديات في استراتيجيات الوقاية من الحرائق، حيث تعتمد البلاد على نموذج قائم على الإخماد بدلاً من الوقاية والتقليل من الوقود الحرجي.

هذه الأحداث تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز استراتيجيات مكافحة الحرائق والاستثمار في تكنولوجيا الإطفاء، خاصة بعد إلغاء الجزائر عقدًا مع شركة إسبانية لتوفير طائرات مكافحة الحرائق في وقت سابق.

كما أن استمرار هذه الحرائق يهدد التنوع البيولوجي ويزيد من انبعاثات الكربون، مما يفاقم أزمة المناخ العالمية.

ماذا بعد؟

من المتوقع أن تستمر التحديات المرتبطة بالحرائق في تونس والجزائر مع استمرار تغير المناخ، حيث تشير التوقعات إلى إطالة مواسم الحرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة وفترات الجفاف الطويلة.

في تونس، قد تؤدي الجهود المستمرة للسيطرة على الحرائق، بدعم من الجيش والمساعدات الدولية مثل الطائرات الإسبانية، إلى تقليل الأضرار المباشرة، لكنها لا تعالج الأسباب الجذرية مثل الإهمال البشري والافتقار إلى استراتيجيات وقائية فعالة.

في الجزائر، بدأت السلطات تحقيقات قضائية لتحديد أسباب الحرائق، مع اشتباه في أعمال متعمدة، مما قد يؤدي إلى توقيفات إضافية كما حدث في السنوات السابقة.

على المدى الطويل، يتطلب الوضع استثمارات كبيرة في البنية التحتية لمكافحة الحرائق، بما في ذلك تطوير خرائط مخاطر الحرائق، تحسين أنظمة الإنذار المبكر، وتعزيز التوعية العامة لتجنب الأنشطة التي تؤدي إلى اشتعال النيران.

كما أن التعاون الإقليمي بين تونس والجزائر، خاصة في المناطق الحدودية مثل ملولة وطبرقة، ضروري لمواجهة الحرائق العابرة للحدود.

دون إجراءات فورية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز التكيف مع تغير المناخ، قد تصبح الحرائق كارثة سنوية متكررة، تهدد حياة السكان، والاقتصادات المحلية، والنظم البيئية في المنطقة.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *