ماذا حدث؟
في قصة دراماتيكية تكشف عن شبكات تجنيد سرية، وصل العراقي عباس حمدالله، المعروف بـ”عباس المناصر” على وسائل التواصل، إلى جبهة أوكرانيا بعد رحلة بدأت بفيزا سياحية إلى روسيا بحثاً عن هجرة إلى أوروبا.
في موسكو، لفت إعلاناً إلكترونياً يعد براتب يصل إلى 3000 دولار شهرياً وجنسية روسية للمتطوعين في الجيش، مما قاده هو و15 رفيقاً إلى مكتب تجنيد تحول إلى وزارة الدفاع الروسية.
بعد فحوصات أمنية وتدريب لـ27 يوماً في معسكر عسكري ولغوي، ثم شهر آخر في معسكر ثانٍ، أُرسل المناصر إلى باخموت شرق أوكرانيا، حيث انضم إلى كتيبة بقيادة ضابط شيشاني، وبدأ بمهام بسيطة مثل حفر الخنادق قبل القتال المباشر.
يقدر المناصر أن ألف عراقي التحقوا بالجيش الروسي منذ 2022، قُتل منهم نحو 200، معظمهم من الشباب الفقيرين الذين غادروا بتأشيرات سياحية عبر مكاتب سفر تتحول إلى سماسرة تجنيد.
عائلات في بغداد وديالى والبصرة أكدت لـ”الحرة” أن أبناءهن ذهبوا لـ”عمل خلفي” لكنهم وُضِعوا في الخطوط الأمامية، وسط تعتيم حكومي عراقي ينفي التدخل.
لماذا هذا مهم؟
يُمثل تورط العراقيين في حرب أوكرانيا تحولاً خطيراً لدولة أعلنت الحياد، حيث أصبح العراق “خزاناً بشرياً” لروسيا بسبب الفقر والعاطلين عن العمل (نسبة بطالة 15% بين الشباب)، مما يجعلهم فريسة لإعلانات التجنيد المغرية برواتب وجنسية، مقابل نسبة موت تصل إلى 99% كما يحذر المناصر.
أهميته تكمن في أنها تُكشف عن فشل السياسات الاقتصادية العراقية، حيث يُستغل الشباب عبر مكاتب سفر غير خاضعة للرقابة، وفصائل مسلحة قد تكون متورطة، مما يُخالف الدستور العراقي الذي يمنع التدخل في الحروب الخارجية.
كما يُثير مخاوف أمنية، حيث يعود بعض الجثامين سراً، ويُعزز التوترات الاجتماعية داخل العراق، مع صمت الحكومة الذي يُفسر كعجز عن حماية المواطنين، وفق رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان علي العبادي.
دولياً، يُظهر كيف تُستخدم روسيا المهاجرين كـ”جيش مستأجر” لتعويض خسائرها (500 ألف قتيل وجريح)، مما يُفاقم أزمة اللاجئين العراقيين ويُهدد الاستقرار الإقليمي.
ماذا بعد؟
مع استمرار الحرب، يُتوقع أن يزداد عدد العراقيين المتورطين، خاصة مع ارتفاع المكافآت الروسية إلى 10-20 ألف دولار، لكن المناصر يحذر الشباب: “فكّروا ألف مرة”، مشدداً على مخاطر الاستغلال من السماسرة العرب.
قد تُفرض الحكومة العراقية رقابة أكبر على مكاتب السفر، كما أشارت لجنة الأمن النيابية، لكن غياب التقارير الرسمية يُعيق الإجراءات، مع احتمال عودة المتطوعين كـ”مرتزقة” يُعززون التوترات الطائفية.
دولياً، قد يُثير الموضوع ضغوطاً من الأمم المتحدة لمراقبة تجنيد المهاجرين، خاصة مع مقارنة بدول آسيوية وأفريقية.
في النهاية، يعتمد المصير على إصلاحات اقتصادية عراقية لتوفير فرص عمل، وإلا سيستمر التجنيد كـ”خروج مدمر” للشباب، محولاً الحياد إلى تورط غير مباشر في صراع عالمي.