ماذا حدث؟
كشفت الاختصاصية النفسية زهرة فاسي في تصريحات صحفية عن رقم صادم يقدر عدد مدمني المخدرات في الجزائر بثلاثة ملايين شخص، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول أسباب هذه الظاهرة وتداعياتها.
وتشير الإحصائيات إلى أن انتشار المخدرات، بما فيها القنب الهندي، والأقراص المهلوسة، والكوكايين والهيروين، قد اتسع ليشمل القاصرين والبالغين، مما ساهم في تصاعد العنف الأسري والمجتمعي، بما في ذلك جرائم القتل والسرقة.
وفي الثلث الثاني من 2025، سجلت المديرية العامة للأمن الوطني حصيلة غير مسبوقة بحجز أكثر من 2.6 طن من القنب الهندي، و5.5 مليون قرص مهلوس، وكميات كبيرة من الكوكايين والهيروين، مما يعكس حجم التحدي الأمني.
وتُعزى هذه الظاهرة إلى عوامل مثل البطالة، وغياب الأنشطة الترفيهية، وضعف التوعية في الأوساط التعليمية والدينية، إلى جانب تأثير الأحياء التي تنتشر فيها المخدرات.
لماذا هذا مهم؟
تُعد هذه الأرقام مؤشراً خطيراً على تفاقم أزمة اجتماعية تهدد استقرار المجتمع الجزائري، فالإدمان لا يقتصر على الأضرار الصحية والنفسية، بل يمتد إلى زيادة معدلات الجريمة، كالسرقات والسطو، التي يلجأ إليها المدمنون لتمويل إدمانهم بسبب ارتفاع أسعار المخدرات.
كما أن العنف المرتبط بالمخدرات، مثل حروب العصابات في الأحياء، يعكس تدهور الوضع الأمني.
هذه الظاهرة تؤثر بشكل خاص على الشباب، الذين يشكلون شريحة كبيرة من السكان، وتعيق قدرتهم على المساهمة في بناء المجتمع.
كما أن غياب برامج توعية فعالة في المدارس والمساجد، إلى جانب ضعف الرقابة الأسرية، يفاقم المشكلة.
هذا الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً للحد من الخسائر البشرية والاجتماعية، خاصة مع تصاعد التحديات الاقتصادية التي تدفع الشباب نحو الهروب من الواقع عبر المخدرات.
ماذا بعد؟
الحلول المقترحة تشمل تعزيز التوعية في المدارس من خلال حصص دورية يشرف عليها أطباء مختصون لتوضيح مخاطر الإدمان، مع ضرورة مراقبة الأهل لتغيرات سلوك أبنائهم.
كما يُشدد على دور المساجد في تقديم خطاب ديني يرتبط بالواقع ويحذر من المخدرات.
جهود المجتمع المدني، مثل نشاطات جمعية محاربة المخدرات بالعاصمة، تركز على توعية الشباب في الأحياء وقاعات الرياضة، وتنظيم أنشطة رياضية وثقافية لملء الفراغ.
ومع ذلك، يتطلب الأمر تضافر جهود الحكومة، والمؤسسات الرسمية، والمجتمع المدني لتوفير بدائل مثل فرص العمل والتكوين المهني.
نجاح هذه الجهود يعتمد على التنسيق بين القطاعات الأمنية والتعليمية والدينية للحد من انتشار المخدرات ومعالجة أسبابها الجذرية، مما قد يقلل من وطأة هذه الأزمة على المدى الطويل.