ماذا حدث؟
في خطوة مفاجئة أعادت إشعال الجدل داخل الكاميرون وخارجها، أعلن بول بيا، رئيس الكاميرون البالغ من العمر 92 عامًا، ترشحه لولاية رئاسية ثامنة، وذلك عبر منشور رسمي على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، قال فيه:”أنا مرشح لانتخابات الرئاسة التي ستجري في 12 أكتوبر 2025. كونوا على ثقة أن تصميمي على خدمتكم يتناسب مع التحديات الجادة التي نواجهها”.
لماذا هذا مهم؟
يُعد بيا أقدم رئيس دولة حالي في العالم، إذ يتولى السلطة منذ عام 1982، بعد أن شغل منصب رئيس الوزراء منذ عام 1975.
وعلى الرغم من كبر سنه، إلا أن الرئيس وزوجته يقضيان معظم وقتهما في سويسرا، ما يثير تساؤلات متكررة حول مدى حضوره الفعلي في إدارة شؤون البلاد.
حظر الكلام عن صحته.. والسكان في حالة ترقّب
في العام الماضي، أصدرت السلطات الكاميرونية قرارًا رسميًا بمنع تداول أو نشر أي تكهنات حول الحالة الصحية للرئيس، وهو ما اعتبره البعض مؤشراً على مدى حساسية وضعه الصحي وقلق النظام الحاكم من تبعات أي نقاش علني حول خلافته.
ديمقراطية على الورق.. ومعارضة تحت القيد
الكاميرون، التي تضم قرابة 30 مليون نسمة، تُصنّف رسميًا كدولة ديمقراطية متعددة الأحزاب.
إلا أن الواقع يكشف عن قيود واضحة تطال المعارضة وحرية الصحافة، في ظل اتهامات متكررة بتضييق الخناق على المجتمع المدني.
في الانتخابات السابقة عام 2018، حصل بيا وفقًا للنتائج الرسمية على 71% من الأصوات، بينما لم يتجاوز أقرب منافسيه حاجز الـ14%، ما دفع المعارضة حينها لاتهام الحكومة بالتلاعب والتزوير.
نزاع لغوي دموي.. آلاف القتلى والنازحين
من جهة أخرى، تشهد البلاد منذ عام 2017 صراعًا داخليًا عنيفًا بين المناطق الناطقة بالفرنسية وتلك التي تستخدم الإنجليزية، وهو الصراع الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 6500 شخص، وتسبب في نزوح نحو 600 ألف من السكان.
وفي تعليقه على ترشح الرئيس مجددًا، قال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان، نكونغو فيليكس أغبور، في تصريح لوكالة “أسوشيتد برس”:”إعلان الرئيس بيا الترشح مجددًا دليل واضح على جمود عملية الانتقال السياسي في الكاميرون. بعد أكثر من 40 عامًا في السلطة، ما تحتاجه البلاد هو التجديد وليس التكرار. يستحق الشعب الكاميروني تغييرا ديمقراطيا وقيادة خاضعة للمساءلة”.
ماذا بعد؟
اللافت أن بعض حلفاء بيا المقربين قد أعلنوا مؤخرًا انشقاقهم وخوضهم سباق الرئاسة، في مشهد قد يشير إلى انقسامات متنامية داخل دائرة الحكم، ويهدد وحدة النظام الذي ظل صلبًا لأربعة عقود.
والجدير بالذكر أن الكاميرون كانت مستعمرة ألمانية في السابق، وتم تقسيمها بين فرنسا وبريطانيا عقب الحرب العالمية الأولى، وهو ما يفسر التركيبة اللغوية المعقدة التي تلعب اليوم دورًا محوريًا في النزاعات السياسية والاجتماعية داخل البلاد.