ماذا حدث؟
في وداع مهيب، أعلنت تايلاند وفاة الملكة الأم سيريكيت، والدة الملك فاجيرالونجكورن، عن عمر 93 عامًا.
ونقلت “بي بي سي” عن البلاط الملكي أن الملكة الأم توفيت في مستشفى بانكوك الساعة 21:21 بالتوقيت المحلي بعد صراع مع الأمراض المزمنة منذ 2019، آخرها عدوى في الدم هذا الشهر.
وأمر الملك بتنظيم جنازة ملكية تُقام في قاعة دوسيت ثورن بالقصر الكبير، مع إعلان حداد رسمي للعائلة المالكة يمتد عامًا كاملًا.
سيرة ملكية
وُلدت سيريكيت عام 1932، ونشأت في عائلة دبلوماسية، إذ كان والدها يشغل منصب السفير التايلاندي لدى فرنسا.
وخلال دراستها للموسيقى في باريس، التقت بالملك الراحل بوميبول أدولياديج، ليبدأ بينهما فصل جديد من التاريخ الملكي.
ورغم أن اللقاء الأول بينهما لم يكن مثاليًا، كما روت لاحقًا في فيلم وثائقي أعدّته “بي بي سي” عام 1980 بعنوان روح الأمة، إذ قالت مازحة: «كان الأمر كراهية من النظرة الأولى.. تأخر عن موعده ثلاث ساعات وأبقاني واقفة أنتظره»، إلا أن القَدَر جمع بينهما، وتزوّجا في 28 أبريل 1950، قبل أسبوع واحد فقط من تتويج الملك بوميبول رسميًا على عرش تايلاند.
عقود من الحضور والتأثير
طوال أكثر من ستة عقود، ظلت الملكة سيريكيت رفيقة درب أطول ملوك تايلاند حكمًا، إذ لعبت دورًا بارزًا في تمثيل البلاد خارجيًا، وسافرت مع زوجها إلى مختلف أنحاء العالم، حيث التقيا بالرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، والملكة إليزابيث الثانية، والمغني الشهير إلفيس بريسلي.
وفي عام 1996، ردّت الملكة إليزابيث الثانية الزيارة رسميًا إلى بانكوك، حيث استقبلتها الملكة الأم سيريكيت استقبالًا مهيبًا، أكّد متانة العلاقات التاريخية بين المملكتين.
“أم الأمة”
كانت سيريكيت تُلقّب في تايلاند بلقب “أم الأمة”، إذ رأت في دورها الملكي واجبًا اجتماعيًا قبل أن يكون تشريفًا.
وقالت في المقابلة ذاتها عام 1980: «ملوك وملكات تايلاند دائمًا قريبون من الشعب.. نحن لا نملك الكثير من الخصوصية، لأننا نُعتبر الأب والأم للأمة».ومنذ عام 1976، صار عيد ميلادها الذي يوافق 12 أغسطس مناسبة وطنية تحتفل بها البلاد سنويًا باعتبارها عيد الأم التايلاندية.
الغياب الأخير
شهدت السنوات الأخيرة تراجع ظهور الملكة الأم في المناسبات العامة بعد إصابتها بسكتة دماغية عام 2012، لتبدأ مرحلة طويلة من العزلة الصحية.
ورغم ذلك، بقيت رمزًا محوريًا في الذاكرة الوطنية التايلاندية، خاصة بعد مشاركتها عام 2008 في جنازة أحد المتظاهرين المناهضين للحكومة، في موقف اعتُبر آنذاك رسالة مؤثرة عن وحدة الشعب.
ماذا بعد؟
رحلت الملكة سيريكيت، تاركة خلفها إرثًا إنسانيًا ووطنيًا طويلًا، وابنًا هو الملك الحالي فاجيرالونجكورن وثلاث بنات، لتُغلق صفحة سيدة شكّلت بجمالها وحكمتها ملامح زهرة اللوتس التايلاندية التي لا تذبل في الوجدان.