العالم يودّع “صوت الرحمة في المحاكم”.. وفاة القاضي فرانك كابريو

#image_title #separator_sa #site_title

ماذا حدث؟

رحل القاضي الأميركي الشهير فرانك كابريو، الذي عُرف عالميًا بلقب “القاضي الرحيم”، تاركًا وراءه إرثًا إنسانيًا نادرًا في ساحات العدالة.

وأُعلن مساء الأربعاء خبر وفاته عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد صراع طويل مع سرطان البنكرياس.

قبل يوم واحد فقط من رحيله، ظهر كابريو في مقطع مصوَّر من داخل المستشفى، يناشد متابعيه الدعاء إثر انتكاسة صحية مفاجئة، ليودّع العالم بالطريقة ذاتها التي عاش بها؛ متواصلاً مع الناس، قريبًا من قلوبهم حتى آخر لحظة.

عدالة بنكهة الرحمة

لم يكن كابريو قاضيًا تقليديًا؛ إذ رسّخ خلال مسيرته نموذجًا فريدًا من العدالة التي تُنصت لحكايات المتهمين وتضع ظروفهم الإنسانية في الحسبان قبل إصدار الأحكام.

هذا النهج الذي تبنّاه حوّله إلى رمز عالمي للعدالة الرحيمة، خاصة بعد أن انتشرت مقتطفات جلساته عبر برنامج “Caught in Providence” ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث لمس ملايين المشاهدين إنصافه وتفهّمه.

جذور إنسانية وتربية أسرية

وفي أحاديث سابقة، كشف كابريو أن سرّ تعاطفه مع الناس يعود إلى بيئته العائلية المتماسكة، مؤكدًا أن والديه وأقاربه غرسوا فيه منذ الصغر قيم الرحمة واحترام الآخر.

وكان يؤكد دائمًا أن العدالة لا تقتصر على تطبيق النصوص بحذافيرها، بل تشمل النظر بعين الاعتبار إلى السياق الاجتماعي والاقتصادي لكل قضية.

بين القانون وظروف البشر

القاضي الراحل كان يردّد أن كثيرين ممن يمثلون أمام القضاء يعيشون تحت أعباء قاسية، سواء اقتصادية أو عائلية، موضحًا: “أضع نفسي مكانهم ببساطة وأتمنى أن تُؤخذ ظروفهم بعين الاعتبار”. بهذه الفلسفة، صاغ مبدأه الأشهر: العدالة ليست قانونًا فحسب، بل إنسانية قبل كل شيء.

مسيرة ممتدة وأثر عالمي

وُلد فرانك كابريو في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1936، وتولّى رئاسة محكمة بروفيدنس البلدية منذ عام 1985. وعلى مدار أربعة عقود متواصلة فوق المنصّة، صنع لنفسه حضورًا مختلفًا، حتى تقاعده.

لكن شهرته تخطّت حدود بلاده بين عامي 2018 و2020، عندما تحوّل برنامجه القضائي إلى ظاهرة عالمية بفضل رسالته الممزوجة بالرحمة والإنصاف.

ماذا بعد؟

رحيله لم يمرّ عابرًا؛ فقد نعاه مسؤولون وشخصيات عامة، فيما أصدر حاكم ولاية رود آيلاند قرارًا بتنكيس الأعلام تكريمًا لمسيرته.

أما هو، فظلّ حتى أيامه الأخيرة، بعد تشخيص إصابته بسرطان البنكرياس في 2023، ينشر رسائل شكر وطلبًا للدعاء، متمسكًا بروح التواصل الإنساني التي ميّزت مسيرته.

رحل كابريو جسدًا، لكنه ترك مدرسة كاملة في “العدالة الرحيمة” التي لا تتساهل مع الخطأ، لكنها تصغي وتوازن بين النص القانوني والبعد الإنساني. مدرسة ستبقى مصدر إلهام لصُنّاع السياسات والمهتمين بإصلاح العدالة الجنائية في العالم.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *