ماذا حدث؟
منذ شهور، خطت سلطنة عُمان خطوة لافتة على طريق بناء حضورها في قطاع الفضاء، حين شهدت صحراء ولاية الدقم تنفيذ مشروع “الدقم-1″، الذي مثّل نقلة من مستوى الطموحات النظرية إلى أولى خطوات التنفيذ العملي.
من التخطيط إلى الفعل
جاء المشروع كترجمة عملية لرؤية وطنية تسعى إلى ترسيخ مكانة السلطنة في مجال التقنيات المتقدمة، لا سيما ما يتعلق بتكنولوجيا الفضاء وتطبيقاتها المختلفة. وقد عُدّ “الدقم-1” بداية حقيقية نحو تأسيس منظومة وطنية مستدامة في هذا المضمار.
إعدادات شاملة قبل الإطلاق
وبحسب الدكتور سعود الشعيلي، مدير عام السياسات والحوكمة ورئيس البرنامج الوطني للفضاء، خضع المشروع لتحضيرات دقيقة على الأصعدة التنظيمية والفنية والأمنية.
وشملت هذه التحضيرات سنّ أطر قانونية تحدد صلاحيات الجهات المعنية، إلى جانب إعداد منصات إطلاق مخصصة ومحطات مراقبة عالية الدقة لتتبع الأداء لحظة بلحظة.
جاهزية أمنية وتنظيمية وفنية حاسمة
من الجوانب اللافتة في تنفيذ المهمة، ما وصفه الشعيلي بالخطة الأمنية المحكمة، التي تم وضعها بالتنسيق مع الجهات العسكرية والأمنية، لضمان السلامة الكاملة خلال جميع مراحل المهمة، من الإعداد وحتى ما بعد التنفيذ.
ومن الناحية التقنية، أوضح الشعيلي أن العملية استندت إلى عدة عوامل فنية محورية، من بينها مدى كفاءة الأجزاء الميكانيكية، وجودة الوقود المستخدم، فضلًا عن تحليل دقيق لحالة الطقس لتحديد توقيت الإطلاق. وقد جرى اعتماد هذه العوامل وفق أفضل المعايير الدولية.
لماذا هذا مهم؟
لم يكن “الدقم-1” مخصصًا لمهمة فضائية نحو مدار معين، بل جُهّز ليكون منصة مرنة يمكن استخدامها في إيصال الأقمار الصناعية إلى مدارات مختلفة، أو ضمن برامج إرسال رواد الفضاء إلى المحطات المدارية، حسب طبيعة كل حمولة.
ورغم النجاح، واجه المشروع تحديات حقيقية، أبرزها محدودية الخبرات الوطنية في هذا المجال الجديد على السلطنة.
إلا أن التجربة أثبتت قدرة الكوادر العُمانية على التعلم السريع، والتعامل المهني مع مشروع يُنفذ للمرة الأولى، ما أسس لقاعدة بشرية مؤهلة مستقبلًا.
يصف الشعيلي المشروع بأنه ليس مجرد تجربة تقنية عابرة، بل خطوة استراتيجية ضمن خطة أوسع لتحويل عُمان إلى مركز إقليمي لعمليات الفضاء.
كما أن التجربة فتحت الباب أمام شراكات دولية وفرص استثمارية واعدة في قطاع يُعد من الأسرع نموًا عالميًا.
ماذا بعد؟
نظرة نحو المستقبل وبينما تواصل السلطنة تطوير بنيتها التحتية الفضائية، تضع رؤيتها للعقد القادم الفضاء كأولوية تنموية، سواء عبر تعزيز القدرات المحلية أو التعاون مع شركات ومؤسسات دولية متخصصة.
نجاح “الدقم-1” كان حجر الأساس لهذا التوجه الطموح، والذي من المتوقع أن يُثمر عن حضور عُماني أوسع في مجالات الفضاء والتقنية إقليميًا ودوليًا.