ماذا حدث؟
في حملة قمعية سنوية متكررة، نفذت جماعة الحوثيين اعتقالات واسعة النطاق في مناطق سيطرتها شمال اليمن يوم 26 سبتمبر 2025، بمناسبة الذكرى الـ63 لثورة 26 سبتمبر 1962 التي أطاحت بالحكم الإمامي وأقامت الجمهورية اليمنية.
أفادت منظمة “سام” الحقوقية أن الاعتقالات طالت 613 شخصاً في العام الجاري، بما في ذلك 123 في سبتمبر وحده، من ناشطين، وصحفيين، ومعلمين، وأطفال، بتهم “التحضير للاحتفال” أو نشر منشورات على وسائل التواصل.
في صنعاء وإب، داهمت أجهزة المخابرات الحوثية منازل وأسواقاً، اقتحامات عنيفة أجبرت الضحايا على تسليم هواتفهم وأوراقهم قبل نقلهم إلى أماكن مجهولة، مع استمرار إخفاء قسري لعشرات آخرين.
أدانت السفارة الأمريكية الاعتقالات كـ”استخفاف صارخاً بحقوق الشعب اليمني”، مشيرة إلى أكثر من 600 حالة هذا العام، بينما وثقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات 1063 حالة اختطاف على مدى عامين، معظمها في سبتمبر.
شددت الجماعة على أن الاحتفال “مخطط أمريكي-إسرائيلي” لإثارة الفوضى، محذرة من “الخيانة”، وسط استمرار الاحتفالات الشعبية في عدن ومأرب رغم الإجراءات الأمنية.
لماذا هذا مهم؟
أصبحت اعتقالات 26 سبتمبر “موسم سنوياً” للحوثيين لأن الثورة تمثل رمزاً وطنياً يُذكّر بالقضاء على الإمامة، أسلافهم، ويُعزّز الهوية الجمهورية المعادية لسيطرتهم الطائفية، مما يُثير مخاوفهم من انتفاضة شعبية.
أهميتها تكمن في أنها تُكشف عن هشاشة الحوثيين، الذين يسيطرون على 70% من السكان لكنهم يُقمعون الاحتفالات لفرض ذكرى انقلابهم في 21 سبتمبر 2014 كـ”ثورة”، مُحوّلين المناسبة إلى أداة للقمع التعسفي الذي يُصيب ناشطين وأطفالاً، مما يُفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن (21 مليون جائع).
كما تُبرز فشل الجماعة في بناء شرعية، حيث يُرفض 80% من اليمنيين في مناطق سيطرتها، وتُعزّز الدعم الدولي للحكومة المعترف بها، كما في إدانة أمريكية.
هذا القمع يُهدد الاستقرار، حيث يُولّد مقاومة داخلية ويُعيق السلام، مُطِيلاً الحرب التي أودت بمليون طفل من سوء التغذية منذ 2015.
ماذا بعد؟
مع تصاعد الاعتقالات، يُتوقع أن تُثير احتجاجات شعبية في صنعاء وإب في أكتوبر 2025، ربما تُؤدي إلى اشتباكات مع أجهزة الحوثي، مما يُعزّز الضغط الدولي لإطلاق سراح المعتقلين عبر الأمم المتحدة.
قد تُدفع المفاوضات السعودية-الحوثية، برعاية عُمانية، إلى هدنة تشمل وقف القمع، لكن الفشل سيُعمق الانقسامات.
على المدى الطويل، إذا استمر القمع، قد يُؤدي إلى انتفاضة وطنية تُنهي سيطرة الحوثيين، مُعزّزةً الجمهورية، لكن الدعم الإيراني سيُبطئ ذلك.
في النهاية، يعتمد الأمر على الشعب اليمني؛ فمقاومة سلمية قد تُسقط الجماعة، وإلا سيستمر القمع كـ”موسم سنوي” للانتهاكات.