ماذا حدث؟
تصاعدت استقالات الأطباء الشبان في مصر، كاشفةً عن أزمة حادة في بيئة العمل ببعض المستشفيات الجامعية، وسط تفاعل واسع وضغوط على الجهات الرسمية.
وتقدم أطباء حديثو التخرج من كلية الطب بجامعة طنطا باستقالاتهم المتتالية من قسم النساء والتوليد، احتجاجًا على “ظروف عمل غير إنسانية” وثّقوها عبر حساباتهم على مواقع التواصل، ما أثار موجة انتقادات ومطالبات بالإصلاح.
72 ساعة متواصلة بلا راحة.. أطباء على حافة الانهيار
كانت الطبيبة رنين جبر من أبرز من فجّروا الأزمة، إذ روت عبر حسابها أنها وزملاءها عملوا في نوبات متواصلة تصل إلى 72 ساعة دون راحة أو إجازات، وتولوا مهام طبية وتمريضية وإدارية مرهقة، في بيئة وصفتها بـ”القاسية”، مؤكدة أنها قضت عامًا كاملًا دون تقدير رغم اجتهادها وتفوقها.
8 استقالات في عام واحد.. ماذا يحدث داخل القسم؟
بلغت استقالات قسم النساء والتوليد بجامعة طنطا 8 من أصل 15 طبيبًا خلال أقل من عام، بسبب طول ساعات العمل وغياب التقدير والتعامل الإداري المتعسف، ما دفع نقابة الأطباء للمطالبة بالتحقيق السريع وضمان كرامة الأطباء وتوفير بيئة تدريب آمنة.
قرارات عاجلة وتحقيقات موسعة.. محاولة احتواء الغضب
أعلنت نقابة الأطباء اتفاقًا مبدئيًا لتقليص النوبتجية من 48 إلى 24 ساعة مقسمة لفترتين، مع تطبيق نظام تناوب يتيح راحة للأطباء، خاصة في قسم النساء والتوليد.
واجتمع رئيس جامعة طنطا مع طبيبات القسم، وقرر نقل الوحدة إلى المستشفى التعليمي الفرنساوي المجهز بـ50 سريرًا وغرفتي عمليات ووحدة مناظير متطورة.
لماذا هذا مهم؟
وتعيد هذه الأزمة إلى الأذهان وعودًا حكومية سابقة بتحسين أوضاع الأطباء، إذ كانت الدولة قد أعلنت العام الماضي عن حزمة من الإجراءات لدعم بيئة العمل الطبية، شملت تخصيص 4.5 مليار جنيه لزيادة بدل السهر والمبيت بنسبة 100%، وإقرار قانون المسؤولية الطبية، وتغليظ العقوبات على المعتدين على الأطقم الطبية.
لكن رغم هذه الوعود، تؤكد وقائع استقالات طنطا أن الواقع ما زال يعاني من خلل، وأن إصلاح بيئة العمل داخل المستشفيات لم يحقق تقدّمًا كافيًا يوقف نزيف الأطباء الشبان، الذين بات كثير منهم يبحث عن فرصة خارج البلاد، بعيدًا عن الضغط، والإرهاق، وغياب التقدير.
ماذا بعد؟
من جانبه، قرر الدكتور أحمد غنيم، عميد كلية الطب ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية بجامعة طنطا، عقد اجتماع طارئ بحضور قيادات المستشفى ومسؤولي القسم، لبحث حقيقة ما جرى، والاستماع لكافة الأطراف، مؤكدًا أن الهدف هو الحفاظ على استقرار المنظومة الطبية، وتوفير بيئة عمل ملائمة للأطباء، إلى جانب استمرار تقديم الخدمة الطبية بشكل يليق بالمرضى.
وشدد غنيم على ضرورة فتح قنوات تواصل مباشرة مع الأطباء الشبان في جميع الأقسام، لتلقي الشكاوى والملاحظات والعمل على حلها بشكل عاجل، مؤكدًا أن التعامل مع الأزمة سيكون بمنتهى الجدية.