أطفال على الجبهة.. لماذا يتم التجنيد في صراعات إفريقيا الدموية؟

أطفال على الجبهة

ماذا حدث؟

في أتون الحروب والصراعات المسلحة التي تشهدها مناطق متفرقة من القارة الإفريقية، يظهر مشهد مأساوي يتكرر على مر السنين: أطفال صغار، بعضهم لم يتجاوز السادسة، يرتدون زيًّا عسكريًا ويحملون بنادق أكبر من أجسادهم.

بحسب تقارير الأمم المتحدة، تم تجنيد آلاف الأطفال قسرًا ضمن جماعات مسلحة في دول مثل ليبيريا ورواندا وسيراليون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وحتى في مناطق بعيدة مثل العراق وأفغانستان والصومال.

لا يقتصر دور هؤلاء الأطفال على الحراسة أو الدعم اللوجستي، بل زُجّ بهم في معارك حقيقية، وأجبروا على القتل، والتجسس، وأحيانًا حتى تنفيذ عمليات انتحارية.

ورغم توقيع العديد من الاتفاقيات الدولية مثل “البروتوكول الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة”، ومبادئ باريس، ونظام روما، فإن المأساة لا تزال مستمرة

 حملات كـ “أطفال لا جنود”، و”Kony 2012” حاولت كبح هذه الظاهرة، إلا أن التجنيد القسري للأطفال لا يزال متفشيًا، بفعل الصراعات السياسية والفقر وسهولة التلاعب بالأطفال نفسيًا.

لماذا هذا مهم؟

التجنيد القسري للأطفال ليس فقط جريمة أخلاقية وإنسانية، بل هو كارثة تتجاوز آثارها اللحظة الراهنة، فهؤلاء الأطفال لا يفقدون فقط طفولتهم، بل يتم تفريغهم من براءتهم وتحويلهم إلى أدوات قتل.

الجماعات المسلحة تلجأ إلى الأطفال لأسباب استراتيجية، لأن وجودهم في ساحات القتال يربك الجيوش النظامية ويثير لديهم مشاعر الذنب والخوف.

الطفل، بصفته كائنًا ضعيفًا بريئًا، يمثل تحديًا أخلاقيًا للجنود المحترفين، وهذا ما تستغله الميليشيات كجزء من أساليبها الحربية.

ماذا بعد؟

لوقف هذه المأساة، يتعين التحرك في عدة اتجاهات متزامنة.

أولًا، يجب فرض حظر صارم على بيع الأسلحة إلى مناطق النزاع، إذ إن تدفق السلاح يغذي إمكانية استقطاب الأطفال.

ثانيًا، لا بد من توفير الغذاء، والمأوى، والرعاية الصحية للأسر، لأن الفقر غالبًا ما يدفع الآباء إلى تسليم أطفالهم للجماعات المسلحة مقابل لقمة العيش.

كما أن توفير التعليم المستمر حتى في زمن الحرب، عبر مدارس الطوارئ والمراكز المتنقلة، يمنح الأطفال مناعة نفسية ويقلل من خطر تجنيدهم.

ويجب أن تُشرك المجتمعات المحلية في عمليات إعادة الدمج، وأن يُستمع إلى أصوات الأطفال أنفسهم، فهم ليسوا مجرد ضحايا، بل شركاء محتملون في صناعة السلام.

وأخيرًا، لا بد أن تشمل برامج نزع السلاح والتأهيل من عاشوا التجربة فعلًا، لأنهم وحدهم يعرفون الألم، ويستطيعون بناء مسارات حقيقية للشفاء.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *