ماذا حدث؟
في 17 نوفمبر 2025، اعتمد مجلس الأمن القرار 2803 الذي يجيز نشر قوة استقرار دولية في غزة وإنشاء مجلس سلام انتقالي برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
القرار يفرض نزع السلاح الكامل من كل الجماعات المسلحة، ويحول إدارة القطاع إلى سلطة خارجية حتى تثبت السلطة الفلسطينية قدرتها على الحكم بأمان، وهي شروط غامضة وغير قابلة للقياس موضوعياً.
لا يوجد في النص أي جدول زمني واضح لإنهاء الاحتلال الإداري الدولي، ولا التزام صريح بحل الدولتين، ولا حتى ذكر لحق تقرير المصير.
المهمة الأساسية للقوة الدولية هي ضمان تنفيذ نزع السلاح بالقوة إذا لزم الأمر، مقابل انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية.
لماذا هذا مهم؟
القرار يُكرس هزيمة عسكرية وسياسية شاملة للحركة الوطنية الفلسطينية، ويُنهي فعلياً حكم الفلسطينيين لغزة لأول مرة منذ الانسحاب الإسرائيلي عام 2005.
بدلاً من إعادة السلطة إلى مؤسسات فلسطينية، يضع القطاع تحت وصاية أمريكية مباشرة عبر مجلس سلام غير منتخب وغير خاضع للأمم المتحدة.
نزع السلاح بالإكراه دون أفق سياسي حقيقي يُشبه تجارب فاشلة سابقة: بيروت 1982 أنتجت حزب الله بعد إجلاء منظمة التحرير، وكابل 2001 أعادت طالبان بعد عشرين عاماً.
التاريخ يُظهر أن الجماعات ذات الأيديولوجيا الدينية والجذور الاجتماعية لا تختفي بقرار دولي، بل تتكيف وتعود أقوى إذا لم تُعالج أسباب وجودها.
القرار يحقق هدف إسرائيل قصير الأمد بغزة منزوعة السلاح، لكنه يزرع بذور صراع جديد طالما بقيت القضية السياسية معلقة.
ماذا بعد؟
خلال 2026-2027، ستدخل القوة الدولية غزة فعلياً وتبدأ عملية نزع السلاح، لكنها ستواجه مقاومة خفية أو علنية من حماس وفصائل أخرى.
إذا حاولت القوة استخدام القوة، فستتعرض لهجمات مشابهة لما حدث للقوات متعددة الجنسيات في بيروت 1983، مما قد يدفع دولاً عربية للانسحاب سريعاً.
في الوقت نفسه، سيبقى مجلس السلام يُدير غزة إدارياً واقتصادياً، وربما يحقق تحسناً مؤقتاً في مستوى المعيشة، لكن دون شرعية شعبية.
بحلول 2028-2030، إما أن تقبل حماس هدنة طويلة مقابل مكاسب سياسية في الضفة والقدس، أو تعيد بناء قدراتها تحت الأرض وتعود بصورة أكثر تطرفاً.
السلام الحقيقي لن يتحقق إلا إذا رُبط نزع السلاح بمسار سياسي موثوق للدولة الفلسطينية، وإشراك إيران وتركيا وقطر في ضمانات متبادلة.
بدون ذلك، ستكون القوة الدولية مجرد حارس مؤقت لنظام غير مستقر، والصراع سيعود بأشكال جديدة لا أحد يستطيع التنبؤ بمداها.