ماكرون في أزمة.. كيف سيحل أزمة تشكيل الحكومة؟

ماكرون في أزمة.. كيف سيحل أزمة تشكيل الحكومة؟

ماذا حدث؟

شهدت فرنسا، في 6 أكتوبر 2025، أزمة سياسية غير مسبوقة حين قدم رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو استقالته بعد أقل من 24 ساعة من إعلان تشكيل حكومته الجديدة، التي عيّنها الرئيس إيمانويل ماكرون في محاولة للخروج من الجمود السياسي.

كان لوكورنو، الذي تولى المنصب في سبتمبر بعد سقوط حكومة فرانسوا بايرو، قد كشف عن التشكيلة الوزارية الأولى مساء الأحد، لكنها أثارت غضباً واسعاً؛ فقد احتفظ برونو ريتايو بوزارة الداخلية رغم تهديده السابق بالانسحاب، وعُيّن برونو لومير، المقرب من ماكرون، وزيراً للدفاع، مما دفع حزب الجمهوريين المحافظ إلى عقد اجتماع أزمة طارئ.

قبل ماكرون الاستقالة، وكلّف لوكورنو بـ”مفاوضات أخيرة” مع الأحزاب مركزاً على موازنة 2026 وأزمة كاليدونيا الجديدة، لكن حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) وحزب فرنسا الأبية (يسار راديكالي) رفضا الدعوة، مطالبين بحل الجمعية الوطنية أو استقالة ماكرون.

أضف إلى ذلك، تخلى حلفاء سابقون عن الرئيس، مثل إدوار فيليب الذي دعا إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وغابرييل أتال الذي أعرب عن عدم فهمه لقراراته، مما يعكس عزلة ماكرون في برلمان مشرذم بين ثلاث كتل متخاصمة نتيجة الانتخابات التشريعية المبكرة في 2024.

لماذا هذا مهم؟

تُعد هذه الأزمة، التي سجلت أقصر حكومة في تاريخ الجمهورية الخامسة، انعكاساً لفشل استراتيجية ماكرون في تعزيز سلطته عبر حل البرلمان في يوليو 2024، بعد فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، مما أدى إلى برلمان منقسم يفتقر أي حزب فيه إلى غالبية مطلقة، وأغرق فرنسا في جمود يهدد الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي.

أثرت الأزمة سلباً على الأوساط الاقتصادية، حيث عبر باتريك مارتان، رئيس نقابة ميديف، عن “الاستياء والقلق” من تأخير موازنة 2026، وسط دين عام يتجاوز 3.345 تريليون يورو (114% من الناتج المحلي)، وعجز يصل إلى 5.8%، مما يعرض البلاد لمخاطر مالية أوروبية.

كما تعكس العزلة السياسية لماكرون، الذي يواجه تنديداً من اليسار (مثل حزب الاشتراكيين الذي يطالب بـ”تغيير مسار”) واليمين (مارين لوبن تطالب بحل البرلمان)، ومن حلفائه السابقين، تحدياً لدوره الدولي كقائد أوروبي، خاصة في قضايا مثل حرب غزة وأوكرانيا، حيث يحتاج إلى حكومة مستقرة لفرض نفوذه.

هذا الوضع غير المعهود يهدد بتصعيد الاحتجاجات الاجتماعية وفقدان الثقة في النظام السياسي.

ماذا بعد؟

أمام ماكرون ثلاثة خيارات رئيسية: نجاح لوكورنو في تشكيل حكومة “تعايش” مع تنازلات مثل تعليق إصلاح المعاشات التقاعدية لكسب الاشتراكيين، أو حل الجمعية الوطنية مرة أخرى لانتخابات تشريعية جديدة، أو الاستمرار في حكومة أعمال مؤقتة مع التلويح بانتخابات رئاسية مبكرة قبل 2027، كما يدعو فيليب.

مع انضمام محتمل لحزب الجمهوريين بشرط عدم “تمييع” هويتهم، قد تنجح المفاوضات إذا ركزت على “برنامج قطيعة” يجمع اليسار المتوسط والوسط، لكن فشلها سيحمّل ماكرون “مسؤولياته”، ربما باستقالته أو إقالة برلمانية من ميلانشون.

اقتصادياً، قد يؤدي التأخير إلى تعثر الدين أو تدخل أوروبي، بينما اجتماعياً، يزيد من مخاطر الاحتجاجات.

في النهاية، يعتمد الحل على قدرة ماكرون على إعادة بناء تحالفات هشة، قبل أن تتحول الأزمة إلى انهيار دستوري يعيد تشكيل السياسة الفرنسية.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *