كيف يهاجم بوتين الغرب بموروثات تاريخية؟

كيف يهاجم بوتين الغرب بموروثات تاريخية؟

ماذا حدث؟

في أكتوبر 2025، أصدرت وزارة الثقافة الروسية فيلم «التسامح» الدعائي، يصور «الليبرالية الأنجلو-سكسونية» كفيروس يُفني الحضارات. في الوقت نفسه، أعلن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن فلاديمير بوتين اختار تاكر كارلسون للمقابلة لأنه «يقاوم الإعلام الأنجلو-سكسوني التقليدي».

وفي 28 أكتوبر، حذّر نائب دوما فيكتور فودولاتسكي من «الأنجلو-سكسون» يُشعلون فتنة في القوقاز.

تحليل أجراه بيتر روتلاند وإليزافيتا غوفمان لموقع وزارة الخارجية الروسية كشف أن كلمة «أنجلو-سكسون» ظهرت 86 مرة في 2022 وحدها، مقابل 27 مرة في العشرين سنة السابقة.

اللافت أن المصطلح لم يُستَخدم في الخطاب الرسمي السوفييتي، بل عاد مع بوتين ليُصبح سلاحاً دعائياً يُصوّر الغرب كـ«معتدٍ أزلي» يهدد «القيم السلافية».

لماذا هذا مهم؟

يُعيد بوتين إحياء مصطلح عنصري أمريكي-بريطاني من القرن التاسع عشر (WASP) ليُحوّله إلى رمز لـ«العدو الوجودي».

هذا يُبرر الحرب في أوكرانيا كـ«دفاع عن الحضارة السلافية»، ويقسم الغرب داخلياً، فيُشجع اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا، ويُبعد فرنسا وألمانيا عن لندن وواشنطن.

داخل روسيا، يُحوّل «الأنجلو-سكسون» إلى كبش فداء يُبرر التضحيات: 700 ألف قتيل وجريح، انهيار الروبل، وعزلة دولية. عالمياً، يُعزز الاستقطاب، إذ يُصدّر الكرملين الرواية إلى الصين وإيران وأفريقيا، مُشكلاً «محور مقاومة» ضد «الهيمنة الأنجلو-سكسونية».

الأخطر: يُعيد التاريخ إلى الواجهة كسلاح، مُذكراً بكيف استخدم هتلر «السلاف» وستالين «الكوسموبوليتيين» لتبرير الإبادة.

ماذا بعد؟

سيستمر الكرملين في ضخ «الأنجلو-سكسون» في الإعلام والمناهج، مُربطاً كل أزمة داخلية بـ«مؤامرة خارجية».

في 2026، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، قد يُطلق بوتين حملة «حماية السلاف» لرفع التأييد.

خارجياً، ستُستغل الرواية في قمم بريكس+ لتأليب الجنوب العالمي ضد «الاستعمار الأنجلو-سكسوني».

لكن المخاطر كبيرة: إذا انهار الاقتصاد أكثر (تضخم 25%، عجز 8%)، قد ينقلب السلاح على صاحبه، مُشعلاً احتجاجات تُحمل «الأنجلو-سكسون» مسؤولية الجوع.

ويرى خبراء أنه كلما زاد استخدام التاريخ كسلاح، زاد احتمال أن يُعيد التاريخ نفسه… بثورة أو انهيار.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *