توريط أوروبا في الحرب.. كيف يلعب بوتين بالنار؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

ماذا حدث؟

شهدت أوروبا في الأسابيع الأخيرة سلسلة من الانتهاكات الجوية والإلكترونية الروسية، وُصفت بـ”حرب هجينة”، بدءاً باختراق طائرات مسيرة روسية لأجواء بولندا في 10 سبتمبر 2025، حيث أسقطت القوات البولندية 19 مسيرة شاهدها في مسيرة هجوم روسي على أوكرانيا، مما أدى إلى إصابة منزل في لوبلين وإصدار تحذيرات أمنية.

تلتها انتهاكات لأجواء إستونيا في 19 سبتمبر، حيث دخلت ثلاث طائرات مقاتلة روسية ميغ-31 لمدة 12 دقيقة فوق خليج فنلندا، الأطول في تاريخ الناتو، مما دفع إستونيا إلى طلب مشاورات بموجب المادة 4.

في 20 سبتمبر، أغلق مطار كوبنهاغن لساعات بسبب طائرات مسيرة مجهولة، وُصفت كـ”هجوم هجين” من قبل رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، مع إغلاقات مشابهة في ألبورغ.

أكدت الاستخبارات الدنماركية ارتفاع خطر التخريب الروسي، رغم نفي الكرملين.

كما شملت الهجمات الإلكترونية تعطيل رحلات جوية في أوروبا، وانتهاكات لأجواء رومانيا في 13 سبتمبر، حيث عملت مسيرة روسية لـ50 دقيقة داخل أجواء الناتو.

لماذا هذا مهم؟

تُعد هذه الهجمات “هجينة” (غير تقليدية) هدية لبوتين، حيث تُجلب الحرب في أوكرانيا إلى ملايين الأوروبيين دون إطلاق رصاصة، مُسبّبةً إغلاقات مطارات وارتفاع أسعار الوقود، مما يُشعر الأوروبيين بالتكلفة اليومية لدعمهم لأوكرانيا.

أهمية الهجمات تكمن في أنها تُختبر عزم الناتو، حيث أدت إلى إسقاط مسيرات في بولندا (أول اشتباك جوي منذ الحرب العالمية الثانية)، وطلبات للمادة 4 في بولندا وإستونيا، مما يُوسّع الحرب إلى الحدود الشرقية للناتو.

كما تُثير مخاوف من تصعيد، حيث قد تُؤدي إلى إطلاق نار خاطئ (كما في سقوط مسيرة على منزل بولندي)، أو تُغطي جرائم منظمة، مُضِيفَةً تكاليف دفاعية هائلة (ملايين اليورو شهرياً لمسيرات شاهده بـ30 ألف دولار).

هذا يُعزز حجج المهادنين لبوتين، ويُشتّت الميزانيات الأوروبية من أوكرانيا، في الوقت الذي يطالب فيه ترامب أوروبا بدفع المزيد للدفاع.

ماذا بعد؟

مع استمرار الانتهاكات، يُتوقع أن يُفعّل الناتو عملية “إيسترن سنتري” في أكتوبر 2025 لتعزيز الدفاع الجوي في الحدود الشرقية، مع إسقاط أكثر مسيرات وطلبات للمادة 5 إذا تصاعد.

قد يُؤدي ذلك إلى عقوبات أوروبية جديدة على روسيا، لكن النفي الكرمليني سيُبطئ الرد.

على المدى الطويل، إذا نجح بوتين في الإلهاء، قد يُضعف الدعم الأوروبي لأوكرانيا، لكن التصعيد قد يُؤدي إلى حرب أوسع إذا أُسقِطَ طائرة ناتو.

في النهاية، يلعب بوتين بالنار، فالنجاح المؤقت يُعزز نفوذه، لكن الخطأ قد يُشعل صراعاً نووياً.

شارك هذه المقالة
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *